الثلاثاء: 21/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

همسات انسانية لأُذن الرئيس بايدن حول حقوق الانسان

نشر بتاريخ: 05/09/2021 ( آخر تحديث: 05/09/2021 الساعة: 14:09 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

أعلن الرئيس بايدن في بداية عهده بان ادارته سوف تعطي الاولوية في سياستها الخارجية لملف حقوق الانسان وهذا في نظري شيء مثمن وجديد مقارنة مع ما عهدناه من رؤساء امريكا اثناء فترة حكمهم ، حيث اصبح بعضهم مدافعا شرسا عن حقوق الانسان ولكن بعد خروجهم من البيت الابيض كما الرئيس كارتر و بدرجة اقل كلينتون وعهدنا بعض اخر منهم لم يكن يعرف ما هي حقوق الانسان كما الرئيس ترمب وسلفه الجمهوري بوش الابن.

طبعا الحكم على نجاح الرئيس بايدن في هذا المجال هو بالقدر الذي يستطيع فيه وقف حليفته اسرائيل في انتهاكاتها اليومية لهذه الحقوق لمن هو غير يهودي والمقصود هنا كل الفلسطينين الذين يعيشون على ارضهم وارض اجدادهم التي استولت عليها العصابات الصهيونية من اجل انشاء كيان ارادوا له ان يكون يهوديا خالصا واقروا له قوانينه التي تتنكر للحقوق الاساسية لعشرين بالمائه من سكان هذا الكيان من الفلسطينيين ثم تمددت لتتنكر لبقية الفلسطينيين تحت احتلالها منذ سنة 1967 الذين يعيشون على ارض اجدادهم ومنذ ما قبل التاريخ .

وبسبب هذه القوانين العنصرية واخيرها قانون القومية تم انتاج نظام فصل عنصري صهيوني/ ابارتهايد وبامتياز تفوق بعدم انسانيته على نظام الفصل العنصري البائد في جنوب افريقيا.

اسرائيل تزعم وهناك من يصدقها بانها الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الاوسط على الرغم من انها قوة قلئمة بالاحتلال وتحتل ارض وشعب بالقوة ليس فقط ضد ارادة هذا الشعب ولكن ضد ارادة الشرعية الدولية ممثلة بمنظمة الامم المتحدة التي اصدرت عشرات القرارات بهذا الصدد ، تدين وتندد وتطالب اسرائيل بانهاء احتلالها الذي يتعارض مع روح ميثاق هذه المنظمه واساسه عدم جواز الاستيلاء على ارض الغير بالقوة ولكن دون جدوى وذلك بالرغم من ان اسرائيل نفسها ولدت من رحم هذه المنظمة.

ما ذكرته هو مجرد همسات انسانية لاذن الرئيس بايدن لانعاش ذاكرته بهذا الخصوص وبان الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ما زال الملف الوحيد العالق من ملفات الحرب الباردة التي ربما تعود بسبب ذلك بالرغم من انها ماتت بطلقات البريسسترويكا على يد غوررباتشوف في نهاية ثمانينات القرن الماضي وبالرغم من كل انجازات التطبيع الوهمية بين اسرائيل وبعض الانظمة العربية.

ليس لدي اي شك في حسن نوايا الرئيس بايدن كأب وكانسان ولكن لدي شك في امكانية تحويله النوايا هذه الى افعال وباتالي حل هذا الصراع مع انه قادر على ذلك من موقعه كرئيس لدولة تمد اسرائيل بكل اسباب الحياة وذلك لاسباب لم تعد مبرره في طبيعة العلاقة بين امريكا واسرائيل .

الرئيس بايدن من اكثر رؤساء امريكا معرفة والمام بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني بسبب مكوثه ثمان سنوات نائبا للرئيس اوباما وقبلها رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ وعليه فهو ليس بحاجة لا للاستماع الى مستشارين ولا الى قراءة تقارير بهذا الخصوص او دروس في التاريخ المزور كما فعل ترمب.

اضافة الى ان الرئيس بايدن كان متابعا بل ومشرفا على اخر محاولة تفاوضية بين الفلسطينيين والاسرائيليين في سنة 2014 وعَرِف بنفسه واقر للخاصة بان النتن ياهو في حينه رئيس للوزراء هو من عطل وهو من حال دون الوصول الى اي نتيجة ايجابية في تلك المفاوضات تؤسس لانهاء الصراع بانهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وبما يتوافق مع الشرعية الدولية وها هو الرئيس بايدن التقى مؤخرا خلف النتنياهو ، نفتالي بنيت الذي يملك من الغطرسة اكثر بكثير من سلفه وهو الذي اقر لدى وصوله الى امريكا بانه ضد قيام دولة للفسطينيين وضد حتى اللقاء بالرئيس الفلسطيني والسبب هو خوف حكام اسرائيل من الناخب بعد ان نجحوا هم انفسهم بصناعة بيئه انتخابية تعارض اي حل مع الفلسطينيين.

احد المصادر المقربة من الرئيس بايدن يقول بان الرئيس لن يضغط باتجاه حل للصراع الفلسطيني الاسرائيلي ولكنه سيدعم اي اتفاق بين الطرفين والسؤال هنا كيف يُعقل ان يحصل اتفاق بين الطرفين في ظل وجود هكذا حكام في اسرائيل خصوصا وان بينيت لا يملك سوى سبعة مقاعد في الكنيست ولكنه يستمد قوته من عداءه للفسطينيين بحرمانهم من حقهم الشرعي والقانوني والاخلاقي والدولي في تقرير مصيرهم .

طبعا التبرير الامريكي لكل ذلك هو الخوف على تفكيك الائتلاف الحاكم الحالي برئاسة بينيت مع ان هذه كانت نفس المبررات التي بسببها استمر النتن ياهو في حكمه ليدخل موسوعة غينيس الصهيونية كاطول رئيس وزراء حاكم في اسرائيل وهو ما يعني ان على الفلسطينيين واجب الحفاظ على هذا الائتلاف بمقابل ان يستمر نصف الفلسطيننيين بالعيش جطابين لبني صهيون وفي احسن الاحوال بنائين لمصانعهم ومستوطناتهم والمصيبة انها على الارض الفلسطينية المسروقة من قبل هؤلاء الصهاينة بينما النصف الاخر من الشعب الفلسطيني الذين هجرتهم العصابات الصهيونية بالقوة من ارضهم فهم يعيشون في الشتات وفي مخيمات لجوء معظمها لا تصلح للعيش الادمي .

اي منطق هذا واي حقوق انسان هذه التي يضعها على سلم اولويات سياسته الخارجية الرئيس بايدن الذي كاخرين غيري من الفلسطينيين صلينا من اجل ان ينجح في الانتخابات، اضافة الى انه رئيس الدولة التي تتكفل بحماية حقوق الانسان في العالم اجمع وحماية القانون الدولي والشرعية الدولية ممثلة بمنظمة الامم المتحدة التي تحتضنها امريكا على ارضها في نيويورك. والسؤال الذي تكرر سابقا ولم يجد اجابة واعيده للرئيس بايدن هل اننا كفلسطينيين شعب فائض على وجه هذه الارض ام اننا خلقنا من اله اخر.

الى ما سبق اضيف واذكر باخر وقاحات اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في توسطها لدى الرئيس بايدن من اجل ان يغض الطرف عن ملف حقوق الانسان في بعض الدول العربية وهو ما يؤكد على ان موضوع حقوق الانسان لاي انسان غير يهودي حتى لو كان امريكي لا يعني اسرائيل لا من قريب ولا من بعيد وذلك بسبب تفوقها حتى على نفسها في استباحتها اليومية لحقوق الانسان الفلسطيني والتي لم تعد خافية الا على من لا يرى الشمس بالغربال.

ما سبق يشجعني على القول بانه لا يوجد ولن يكون هناك اي حل تفاوضي للصراع الاسرائيلي الفلسطيني وذلك بعد انقضاء قرابة ثلاثة عقود تكللت فيها المفاوضات بالفشل بالرغم من التنازلات التي قدمها الفلسطينيون وعلى راسها القبول بدولة على اقل من ربع ارضهم التاريخية وليس لدي شك ان كل رؤساء امريكا وليس الرئيس بايدن وحده يعرفون ان فشل المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين ليس الخوف من الناخب فحسب وانما هو التعنت الاسرائيلي الناجم عن الدعم الامريكي غير المشروط لاسرائيل وهو ما يؤكد على ان حل هذا الصراع يجب ان يكون حل مفروض دوليا تحت البند السابع ، مبني على كل ما اقرته الشرعية الدولية بهذا الخصوص والا فلا سلام ولا استقرار ليس في المنطقة فحسب وانما ما هو ابعد من ذلك.