الإثنين: 20/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

كسروا القيد وخرجوا من تحت الأرض

نشر بتاريخ: 09/09/2021 ( آخر تحديث: 09/09/2021 الساعة: 11:49 )

الكاتب: بهاء رحال

تقول الحكمة في القصيدة الشعرية لا بد للقيد أن ينكسر، وقالت الجدَّات باب السجن ما بتسكر للأبد، كما قلن ما بعد العتمة إلا نور الفرج، أمَّا هؤلاء الستة الأبطال فقالوا نحن لها، وعقدوا العزم وبحثوا تحت الأرض وحفروا حتى خرجوا للحرية من تحت أقبية وزنازين سجن جلبوع الذي يعد الأكثر تحصينًا بين المعتقلات والسجون الاسرائيلية، وهو المعتقل الذي أعدّ خصيصاً ليكون سجنًا للمحكومين بالسجن المؤبد لمرة مرتين أو عشرين مرة، ممن تدعي دولة الاحتلال أنهم يشكلون خطرًا شديدًا عليها، أو ممن نفذوا أو خططوا للعمليات الفدائية في الانتفاضة الثانية. ولهذا نجد السجن الأكثر تحصينًا بكل الأدوات والوسائل، والمغلق تمامًا والبعيد عن مراكز المدن وتجمعات السكان.

انكسر القيد وتفتحت الحرية من نفق صغير أسفل الغرفة 5 في القسم الثاني داخل سجن جلبوع الحصن الحصين، حين قرر المعتقلون أن يجدوا طريقة للخروج من عذابات الأسر، ولسنوات طويلة بقي حلم كسر القيد يرافقهم حتى تحقق فجر يوم السادس من أيلول عام 2021، فخرجوا ستة أقمار من نفق الحرية، وتفتحت أمامهم سهول بيسان وأرضهم الخصبة وسطعت شمسهم التي أنارت لهم الدرب وعمت عيون السجان القابض على الزناد.

حتى اليوم يحاول الاحتلال وأجهزة مخابراته أن يتتبع الخط الذي قد يصل بهم إلى الأبطال الستة لا سمح الله، وحتى اللحظة يخيم تعتيم شديد على ما حصل بالفعل وحقيقة ما جرى، غير أن بعض الروايات التي صدرت في اللحظات الأولى من قبل الصحافة، تفيد بأن الأمر الحقيقي الوحيد هو خروج ستة أسرى من سجن جلبوع، أما بقية التساؤلات فهي لا تجد إلا أجوبة مبنية على اجتهادات من بعض الصحفيين وأخرى من بعض المحللين السياسيين.

المهم هنا أن الأبطال الستة لا زالوا أحرارًا، غير أن دولة الاحتلال جندت نفسها بكل طاقاتها وعتادها وعدتها وامكاناتها، وسخرت كل شيء بحثًا عنهم، وهي تواصل في كل لحظة عمليات البحث إلى جانب التنكيل والتشديد والمداهمة والتفتيش في كل لحظة وكل دقيقة، وتفصح بين الحين والآخر عن أخبار كاذبة وأخرى مضللة كي تساعدها في الحصول عما تبحث عنه.

ستة فرسان كسروا قيد السجن، وحطموا جدرانه، وصفعوا الكيان وجنوده وجنرالات حربه صفعة لن ينسوها، وأثبتوا أن هذا الكيان أوهن من بيت العنكبوت، وأن إرادة الحرية أقوى من ظلم الاحتلال، وأن الحياة على هذه الأرض تستحق كل تضحية وكل فداء، وتستحق كسر القيد وسلاسل الأسر، وأن شرف البطولة ونيشان النصر يليق بهم، أبطالًا وفرسانًا وقادة مناضلين، لهم الحق في الحياة ولهم الحق في الحرية، هم وكافة الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال.