الكاتب: راسم عبيدات
الموعد الذي حددته ما يسمى بمحكمة العدل العليا الإسرائيلية للرد على مقترحها بالتسوية،بين أهالي حي الشيح جراح ،أصحاب الأرض الشرعيين وبين المستوطنين ممثلين بجمعية " نحلات شمعون" مدعي الملكية حتى 2/1/2021،يقترب من النفاذ،ورغم كل جلسات الحوار والتشاور بين سكان الحي عامة وبين العائلات الأربعة المهددة بالطرد والتهجير (الجاعوني ،الكرد ،القاسم واسكافي) مع محاميهم الذين لا نشك ولو لحظة بإنتمائهم واخلاصهم وصلابة مواقفهم في الدفاع عن حق أهل الشيخ جراح في أرضهم،وكذلك اللقاءات مع المرجعيات والهيئات المتعددة من لجنة عمل وطني واهلي مقدسية ولجنة المتابعة العليا في الداخل الفلسطيني- 48 – والهيئة الإسلامية العليا،والمرجعيات الرسمية في السلطة والمنظمة،لم يجر اتخاذ موقف أو قرار من قضية التسوية المطروحة من قبل ما يسمى بمحكمة العدل العليا الإسرائيلية،تلك التسوية التي تحمل مخاطر قانونية ووطنية،وربما أشتم منها رائحة التفاف على موقف السكان لخداعهم وتضليلهم وجرهم الى مربع الموافقة على التسوية المقترحة،وقد يجد سكان الحي أنفسهم بتسوية شبيهة بتسوية محامي السكان اليهودي " توسيا كوهين" عام 1982،تلك التسوية التي اعتبرت سكان حي الشيخ جراح مستأجرين محميين،وشركة " نحلات سمعون" الإستيطانية مالكة للأرض،ولكن هذه التسوية المقترحة من قبل ما يسمى بمحكمة العدل العليا الإسرائيلية،فيها بعض المقبلات والإغراءات،بأن قالت بالإضافة الى التسوية التي توصل اليها المحامي اليهودي " توسيا كوهين"، بأنه عند الشروع في عملية التسوية، لا يبطل ادعاءات الطرفين في الملكية،واذا لم تجر التسوية،يكون السكان محمين على الأقل ل 15 عاماً،وكذلك اعتبار السكان الحاليين،الجيل الأول في الحماية،وليس الجيل من السكان الذين كانوا عند توقيع اتفاقية تمليك السكان للأرض،نتاج اتفاقية بين وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية السابقة وبين وكالة الغوث واللاجئين " الأونروا" عام 1956،والتي لم يستكمل تمليكها وتطويبها بسب حرب جزيران عام /1967،وأعتقد بأن الرهان على قضية التسوية ينطوي على مخاطر حقيقية،ولا نعرف هل سيتم البدء في التسوية قبل ال 15 عاماً من الحماية او بعد ذلك،وخاصة أنها اذا ما أقدمت شركة " نحلات شمعون" على إقامة مشروعاً إستيطانياً،تعوض فيه السكان عن أملاكهم وبيوتهم، تستطيع اخلائهم،وليس هذا فقط،فالتجارب تقول بأن هذا الإحتلال ووزارة قضائه"تفصل القوانين" بما يخدم مصلحة المستوطنين،ولكم انموذج ومثال في قانون "المواطنة" – بند لم الشمل-،حيث رغم عدم قدرة وزيرة الداخلية الصهيونية المتطرفة شاكيد على تمديده،فهي ترفض فتح الباب امام استقبال ملفات جمع الشمل،متذرعة بالخطر الديمغرافي على دولة الإحتلال والمخاطر الأمنية،فكيف في أرض كأرض الشيخ جراح يخطط لها اليمين الديني الإستيطاني من أجل إقامة مشروع استيطاني ضخم (230) وحدة استيطانية،تعزل بشكل كلي قرى سمال مدينة القدس، الشيخ جراح وواد الجوز وشعفاط وعناتا،عن قلب مدينة القدس، بالتشابك مع المشاريع والمخططات الإستيطانية في تلك المنطقة،والتي مهد لها بالإستيلاء على كرم المفتي،بيت وقصر المفتي، وبالإتجاه نحو الشمال الشرقي،حيث مبنى وزارة داخلية الإحتلال ،ومشروع واد السيلكون، والذي سيهدم أكثر من 200 ورشة تجارية وصناعية، ومن ثم يتجه المشروع نحو مستشفى "هداسا" والجامعة العبرية، ومن الغرب، سيتم اخلاء حي كبانية" ام هارون، "،وطبعاً هناك مبنى ضخم لشرطة "حرس الحدود،ويلتقي المشروع مع شارع رقم (1)،ويربط البؤر الإستيطانية في القسم الشرقي من المدينة مع المستوطنات في القسم الغربي منها.
اتخاذ القرار بالقبول او الرفض من السكان،فيه الكثير من المخاطر والتبعيات والتداعيات،والسكان يعيشون تحت تاثير الكثير من الضغوطات والهواجس،ولا مجال للمزايدة عليهم في قضية املاكهم وأرضهم،ولذلك لا يجوز بأي شكل من أشكال تحميل السكان مسؤولية اتخاذ القرار،فقضية الشيخ جراح خرجت عن كونها قضية سكان حي،او سكان مدينة القدس،هي قضية شعب وأمة بأكملها،وهي قضية وصلت بفضل صمود أهالي الشيخ جراح وتضحيات ونضالات ابناء شعبنا في القدس والداخل الفلسطيني- 48 وقطاع غزة،والمتابعة من قبل العديد من مرجعيات السلطة المقدسية الى كل المحافل الدولية،قضية عمدت بالدماء وسقط فيها ش ه داء وجرحى،واعتقل وحوكم العديد من الشاب والمواطنين على خلفية قضية الشيخ جراح،ولذلك إضاعة هذه النضالات والتضحيات سدى،سيكون خسارة كبرى،والموقف الذي سيتخذ في قضية الشيخ جراح سيكون له تداعياته،على بقية الأحياء المقدسية المهددة سكانها بالطرد والتهجير،احياء سلوان الستة بطن الهوى،البستان،عين اللوزة،وادي حلوه،وادي الربابة وواد ياصول،وكبانية "ام هارون" في الشيخ جراح،وحي الأشقرية في بيت حنينا.
يحتاج الموقف من قضية الشيخ جراح الى جرأة في اتخاذ القرار من القوى الوطنية والمرجعيات الرسمية والسلطة والمنظمة ولجنة المتابعة العليا -48 -،ولا يجوز الإختباء خلف القول،بأننا نقبل ما يقبل به السكان،فهذا هروب من تحمل المسؤوليات،وفي حال اتخاذ القرار بالرفض واستمرار النضال في الميدان لتثبيت حق سكان حي الشيخ جراح في أرضهم،يجب العمل على توفير حاضنة لهم فلسطينية – عربية إسلامية، حاضنة تجعلهم يشعرون بالأمن والإطمئنان،أنه اذا ما أقدمت دولة الإحتلال على طردهم وتهجيرهم ،بأن يكون هناك تأمين منازل لهم للسكن،وليس تركهم يلتحفون السماء ويفترشون الأرض،وانا اقول أنه لا ثقة في القضاء الإسرائيلي،هذا القضاء الذي لم ينصف السكان منذ 50 عاماً،لن ينصفهم الآن،فالمحتل يدرك حساسية عملية الطرد والتهجير لسكان حي الشيخ جراح من الناحية الدولية،وما قد يكون لها من تداعيات،أبعادها ونتائجها ستكون أبعد من مدينة القدس،بإنفجار قد يمتد لهيبه ويطال كامل الجغرافيا الفلسطينية،وربما يمتد الى ما هو أبعد من ذلك،ولنا في معركة " سيف القدس" في أيار الماضي العبرة والأنموذج،حيث تدخلت غزة لأول مرة لصالح القدس والأقصى عسكرياً،ولا اظن بأن شعبنا و م ق ا و م ت ن ا وشعوب أمتنا العربية والإسلامية وكل أحرار العالم سيخذلون قضية الشيخ جراح.
فلسطين – القدس المحتلة
20/10/2021