الخميس: 19/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

ارتفاع الاسعار في فلسطين في ظل قانون حماية المستهلك

نشر بتاريخ: 27/10/2021 ( آخر تحديث: 27/10/2021 الساعة: 13:32 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

لا تعتبر ظاهرة ارتفاع الاسعار جديدة في السوق الفلسطينية لان الاسعار ومنذ نشوء السلطة في ازدياد كبير نظرا لحاجة السلطة الى موارد عن طريق الضرائب والرسوم وارتفاع الاسعار هو بسبب ارتفاع بعض الحاجات الاساسية ومنها الوقود واستيراد الادوات والمواد بجمرك كبير وهو مؤشر على ان سياسة الاقتصاد في دولة فلسطين منذ نشوء السلطة تتعاطى بمعايير اكبر من السوق، فالراتب والدخل كأي دولة فقيرة واسعار المواد وخاصة الاساسي كبير جدا، فسعر الوقود يعلو ازدياده وارتفاعه الاسعار في دول ذات دخول عالية جدا وهي الاكبر على مستوى العالم، وبالتالي سيؤدي الى ارتفاع اسعار المواد الاخرى نظرا للتكلفة العالية وخاصة المواصلات والخبز وغيرها لان تكلفة الانتاج ستكون عالية جدا.

قطاع السيارات مثلا هو الاغلى في العالم وهو ما ادى الى استعمال سيارات تأتي من الداخل وهي غير قانونية، وتتسبب بأزمات كبيرة في الحياة الفلسطينية ويصعب على المواطن التفكير في انشاء مشاريع او تنفيذ مشاريعه بحرفية عالية نتيجة عدم توفر السيارة القانونية المناسبة لأعماله، وان تكلفة السيارة التي تصلح فقط للتنقل لا تقل عن عشرين الف دولار امريكي وهي الاعلى على مستوى العالم.

كذلك تدمير بعض القطاعات من قبل مؤسسات السلطة نتيجة الاهمال وعدم الدعم زاد في ذلك ومنها قطاع الزراعة، فبعض الوزراء الجشعين والموتورين كانوا يستوردون زيت الزيتون الاسباني وقت موسم قطف الزيتون، وكذلك تدمير الصناعات مثل صناعة الاحذية بالخليل نتيجة استراد الصيني لصالح بعض التجار وهي سياسات لا تنمي عن ثقافة وطنية لدى المسؤولين ونحن اليوم نقطف ثمارها المدمرة. اضف الى ذلك الاجراءات الصعبة في ترخيص المنشآت الصناعية والمتطلبات الكثيرة التي يعجز عنها اصحاب الحرف، والاحتلال الذي يسرق الارض ويضيق على الناس.

من الطبيعي ان ترتفع الاسعار حول العالم نتيجة لنزول الانتاج في كافة القطاعات نتيجة ازمة كورونا والتي ادت الى تخفيض الانتاج وزيادة تكلفته والرغبة لدى الشركات في تعويض الخسائر، لكن هذا لا يجب ان يحمل الى فلسطين بنفس الاجراءات والقوام، وان يتم خلق حلول عملية وذلك بتشجيع المنتج الفلسطيني والبحث عن اسواق مناسبة للاستيراد من اماكن مشابه لوضع فلسطين.

ارتفاع الاسعار رافق المراحل الفلسطينية كلها وهي سببها نتيجة اهمال وزارة الاقتصاد الفلسطيني وسياساتها الخاطئة على كافة الصعد، وعدم قيامها بمراقبة جيدة للأسواق وفرض غرامات مناسبة او عقوبات تردع التجار من التلاعب في الاسعار، اضف الى ذلك غياب دور الوزارات والمؤسسات في تشجيع المنتج الفلسطيني وخاصة ما اشتهر في فلسطين وفي هذه الايام وهو زيت الزيتون، اذ يباع زيت الذرة بأسعار قد تكون قريب الى سعر الزيتون، وهذا عامل سيء مقارنة بالمنتجين وفوائدهما حول العالم.

قمت شخصيا بالشكوى لدى جمعية حماية المستهلك بخصوص ارتفاع المحروقات بلا سبب سوى ان الحكومة تراه دخل اساسي لها، ولم اتلقى أي استجابة من احد وهو امر ادى الى اهمال مطالب المواطن الفلسطيني نتيجة اهمال القيادة لدور المواطن والذي سببه غياب الحياة الديمقراطية بغياب الانتخابات لأعضاء المجلس التشريعي وغياب انتخابات الرئاسة وبالتالي غياب المحاسبة والرقابة لغياب المؤسسات المسؤولة، والتقارير الخاصة بالفساد طفت على السطح وكلها امور مرتبطة ببعض.

لا حلول لدى الوزارات والمؤسسات الفلسطينية، وبالتالي يبقى على المواطن الفلسطيني ان يصنع الفرق من نفسه في توجيه نفسه الى الترشيد والإنفاق بسياسات وطنية فعالة كي يواجه موجة الغلاء الفاحش، اما المؤسسات فهي قد مرت بتجارب لم تقدم للمواطن الفلسطيني أي شيء. وبالتالي محاربة السلع الغالية هو الطريق الامثل. فالامتناع عن شراء المنتج الغالي سيكون له فعالية كبيرة في ضبط الاسعار ولكن هذا الامر يحتاج الى ثقافة وطنية كبيرة، وفي نفس الوقت تشجيع المنتج الوطني، وتفعيل العقوبات في القانون لمحاربة التجار الجشعين، ربما ذلك يقلل ويخفف من الموجة التي سيعاني منها الفقراء قبل كل شيء.