الكاتب: كمال خلف
في احدث تصريح له خلال الساعات الماضية أعلن وزير الخارجية الإيراني “حسين اميرعبد اللهيان” أن بلاده ليست متحمسة كثيرا في شأن عودة الولايات المتحدة الامريكية الى الاتفاق النووي إذا ما اقتصر الأمر على عودتها فقط”. فما هي أسباب عدم الحماسة لدى الإيرانيين لمجرد العودة الى الاتفاق؟ وماذا يعني ذلك؟
ايران وحسب ما نعلم سعت في الفترة الماضية إلى تخفيف العقوبات بدرجة أكبر مما نصّت عليه خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي ادركت ان إدارة بايدن استوعبت درس فشل استراتيجية الضغوط القصوى التي انتهجتها إدارة سلفه دونالد ترامب ، بل وجه اركان الإدارة انتقادات لتلك الاستراتيجية ونعتوها بالفشل ، فكيف يمكن لبايدن العودة لها مرة أخرى، وبذلك تاكد الإيرانيون ان البدائل لدى الإدارة محدودة للغاية، وان الولايات المتحدة هي من خرج من الاتفاق بشكل احادي وهي من قرر العودة . وبالتالي وفق التقديرات الإيرانية فان لذلك ثمن.
يدرك الإيرانيون ان اكثر ما يثير اهتمام وحساسية الإدارة الامريكية الان هو الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين طهران والصين. بما يوازي اهتمامهم بالبرنامج النووي الإيراني، وان كانت الإدارة لا تعلن عن ذلك. ولذلك تنظر القيادة في ايران الى هذا الجانب باعتباره من الأوراق الهامة لرفع سقف المطالب الإيرانية. وتجاوز ما حصلت عليه ايران في اتفاق 2015.
كما ان إيران وبمراجعة وتقييم للسنوات السابقة اخذ حيزا مريحا من الوقت وصلت الى نتيجة مفادها أن تخفيف العقوبات وفق “خطة العمل الشاملة المشتركة” خلال السنوات الأربع لم يكن له مردود مهم من الفائدة الاقتصادية للبلاد، ولم يجلب الشركات والاستثمارات المرجوة، لذلك فان العودة الى الاتفاق بشكله السابق ودون ضمانات بعدم خرقه مجددا من الجانب الأمريكي مستقبلا، لا يعني الكثير بالنسبة للايرانيين، وتطالب ايران بشكل فوري وقبل الشروع في التفاوض مع أمريكا افراج الإدارة الامريكية عن 10 مليارات دولار من الأرصدة الإيرانية المجمدة، كبادرة حسن نية من الإدارة، وحتى تتاكد ايران من جدية الرئيس الأمريكي في تغيير المسار العدائي ضد ايران.
وفيما يبدو تتجنب طهران سيناريو لجوء الإدارة الامريكية الى توحيد الجهود مع الاوربيين تحت فكرة عدم امتثال ايران لرغبة الجميع في إعادة عقد طاولة التفاوض بعد تجميدها خلال الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وبالتي دفع واشنطن الاوربيين نحو جهود مشتركة ضد ايران، قد تعيد الملف الى مجلس الامن من جديد. خاصة ان الرئيس جو بايدن يعتزم نهاية الأسبوع عقد قمة مع رؤساء دول وحكومات ألمانيا وفرنسا وبريطانيا على هامش اجتماع مجموعة العشرين في روما، بهدف التركيز على استراتيجية مشتركة” تميزها “الوحدة والتضامن” بين الأميركيين والأوروبيين في ملف التفاوض مع ايران حسب ما صرح مستشار بايدن للامن القومي “جاك سوليفان”.
ولذلك استبقت طهران القمة وباشرت لقاءات ثنائية مع الترويكا الاوربية “فرنسا بريطانيا وألمانيا” في بروكسل.
وتولي طهران حاليا اهتماما بالموقف الروسي بعد انتقادين صدرا من موسكو للمواقف الإيرانية، الأول جاء على لسان المبعوث الروسي لمفاوضات فيينا “ميخائيل اوليانوف” الذي رد على تصريح وزير الخارجية الإيرانية بان المفاوضات سوف تستأنف قريبا” بالقول “قريبا؟ هل احد يعلم ماذا تعني عمليا؟”. والانتقاد الثاني جاء أيضا ردا من اوليانوف على تصريح الوزير عبد الليهان بان المفاوضات النووية لن تستأنف من نقطة الانسداد التي وصلت اليها . ورد اوليانوف بالقول ” نحترم آراء عبد اللهيان لكنّ المفاوضات في فيينا لم تصل أبداً إلى طريق مغلق”.
تلك إشارات روسية لا تبعث على الاطمئنان لدى الجانب الإيراني، ولذلك توجه مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، “علي باقري كني” الى موسكو لفهم مغزى تلك الإشارات السلبية الصادرة من موسكو.
ربما حسب بعض المعطيات قد تقترح واشنطن خلال الأيام المقبلة فكرة عودة سريعة لاتفاق 2015 دون أي تعديلات، على ان تعقد مفاوضات أخرى بعد اعلان العودة تهدف الى إيجاد اتفاق اشمل واكثر قابلية للاستمرار وقد يكون بديلا عن خطة العمل الشاملة المشتركة، وربما يشمل ملفات سياسية مرتبطة بالمنطقة، الامر مرهون بالموقف الإيراني وماذا ستحصل ايران في نهاية المطاف من كل هذا المسار.