الإثنين: 20/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

كفر قاسم: عيساوي فريج والوعي الهجين

نشر بتاريخ: 01/11/2021 ( آخر تحديث: 01/11/2021 الساعة: 17:47 )

الكاتب: حيدر عيد

لا يوجد"معسكر سلام" إسرائيلي، كما لا يوجد "يسار" صهيوني! الصهيونية بتشكيلاتها غير المتناقضة، يمينية أيديولوجياً وفكرياً وممارسةً. لا يوجد بها أي مكان للآخر الفلسطيني، تستمد عنصريّتها من كولونيالية القرن التاسع عشر، وهمجيّتها من فكر الاستعمار الاستيطاني الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وجنوب أفريقيا. في المحصّلة النهائية هي فكر إقصائي كولونيالي بنزعة إبادية تعمل على شيطنة "الآخر" المستعمَر وبالتالي نزع إنسانيته.

كانت هذه المقدمة المقتضبة ضرورية لفهم أكروبات عضو الكنسيت "الفلسطيني" عن حزب ميريتس الصهيوني " اليساري" عيساوي فريج، و بكائياته الدرامية خلال التصويت على مشروع قانون تقدّمت بها القائمة العربية المشتركة أمام الكنيست الإسرائيلي يدعو لاعتراف إسرائيل بارتكاب مذبحة كفر قاسم التي وقعت في التاسع والعشرين من أكتوبر/ تشرين أول عام 1956، وأدت لاستشهاد 49 فلسطينيًا. و كان من الطبيعي أن يسقط الاقتراح بأغلبية كبيرة. وشهدت المسرحية المشوقة مواجهة كلامية حادة بين الأعضاء العرب ما دفع أطباء الكنيست للتدخل لتقديم العلاج لوزير التعاون الإقليمي فرج بعد أن كاد أن يغمى عليه!

ثم قام الرئيس الإسرائيلي "اليساري" يتسحاق هرتسوغ بعد هذه الحادثة بيومين بزيارة كفر قاسم لإلقاء كلمة و "اعتذار" عن المجزرة الرهيبة. فما كان من فريج عيساوي إلا أن قام شاكراً الرئيس الإسرائيلي على اعتذاره، خالي المعنى، بالعربية قائلاً:” لم تكن هناك يوما مشاركة إسرائيلية واسعة في إحياء ذكرى كفر قاسم” معتبراً "أن قوة إسرائيل ستكبر في حال راجعت أفعالها وصححت آثامها التاريخية." دون أن يذكر أن "قوة اسرائيل" قامت على دماء ضحايا كفر قاسم، دير ياسين، الدوايمة، الطنطورة، صبرا و شاتيلا، وغزة التي لا زالت تعيش "إبادة جماعية متدرجة" بعد أن أصبحت "غير قابلة للحياة" حسب تقارير الأمم المتحدة، و تحولت إلى أكبر معسكر اعتقال على سطح الأرض! أي اعتذار هذا الذي يأتي ممن يترأس منظومة قهرية تعمل على تكرار الجريمة وبأشكال "حداثية"؟ وكأنّ السيد فريج "الفلسطيني" الوزير في الحكومة الدموية برئاسة من تباهى بقتله للعديد من الفلسطينيين ولم يرى في ذلك "أي خطأ"،لا يعير أي اهتمام لدماء أطفال غزة؟!

لقد شهدت كل الدول التي رضخت لنظم استعمار استيطاني انخراط بعض أبناء البلد الأصلانيين الذين يتم رشوتهم من قبل الحكومة الاستعمارية واستخدامهم كورقة توت تقوم بتغطية الجرائم المرتكبة بحق السكان الأصلانيين. في أمريكا أطلق عليهم البعض "العم طوم" وأسماهم الثائر الأسود مالكولم إكس "عبيد المنزل" وفي عهد الإمبراطورية العثمانية كان "الإنكشاريون" يضحون بأرواحهم دفاعا عن الإمبراطورية التي جندتهم في خدمتها، و في جنوب أفريقيا استمات حكام المعازل العرقية للحفاظ على النظام العنصري الذي وهبهم حكومات ووزارات...

لا شك أن السيد الوزير عيساوي فريج يعلم أن تصحيح الآثام التي ارتكبتها منظومة الاضطهاد المركب في فلسطين، و التي يعمل كوزير فيس حكومتها، يتم فقط من خلال التفكيك الكامل لمنظومة الأبارثهيد والاستعمار الاستيطاني و بالتالي خلق فضاء جديد لا استعماري، لا قهري، بعد عودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم. فهل السيد فريج، وحزبه، على استعداد للقبول بذلك؟!