الكاتب: د. رمزي عودة
ليس مفاجئاً في هذه الأثناء حملة التحريض التي تقوم بها دولة الاحتلال ومنظمات الاستيطان ضد الرئيس محمود عباس، حيث تتهم هذه الحملة السيد الرئيس بأنه يعرض "القدس اليهودية الموحدة" الى التقسيم بسبب ضغطه على الادارة الأمريكية لإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية. وتتعزز مشاعر الكراهية والتحريض ضد السيد الرئيس على إثر إرتفاع نشاط دبلوماسية القيادة الفلسطينية على المستوى الدولي بشكل لافت هذه الأيام، حيث يزور الرئيس أبو مازن إيطاليا والفاتيكان في زيارة تاريخية لها دلالاتها الدينية والسياسية، كما يشارك الدكتور محمد اشتية رئيس الوزراء في قمة المناخ في بريطانيا، ويتوقع خلال الفترة القريبة عقد قمة روسية فلسطينية في موسكو. وعلى المستوى الدولي نجحت الدبلوماسية الفلسطينية الجمعة الماضي في إستصدار قرار للجمعية العامة في الامم المتحدة بشبه إجماع، يؤكد على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، حيث صوتت 158 دولة لصالح القرار، و6 ضده، وإمتنعت 10 دول عن التصويت.
وتهدف دبلوماسية القيادة الفلسطينية في هذا الحراك النشط الى إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، بحيث تتصدر الأجندات الاقليمية والدولية للدفع بتسوية عادلة للقضية الفلسطينية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. من جانب آخر، تسعى هذه الدبلوماسية الى خلق رأي عام دولي يستطيع الضغط على دولة الاحتلال لوقف الاستيطان، وتهويد القدس، والتصدي لسياسات القضم الجزئي للأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي موضوعة زيارة السيد الرئيس أبو مازن لإيطاليا والفاتيكان، تضغط الدبلوماسية الفلسطينية لوقف إنتهاكات الاحتلال المستمرة في الأراضي المحتلة، كما أنها تسعى لحمل الدول الأوروبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتبني مبادرة الرئيس في حل الصراع من خلال عقد مؤتمر دولي للسلام برعاية دولية. وفي السياق، فإن هذه الزيارة تركز على ما يمكن تسميته بالدبلوماسية الدينية نظراً لأهمية الفاتيكان كمركز روحي للمسيحية الغربية من جانب، ونظراً لأهمية القدس كمركز روحي للمسلمين والمسيحيين في شتى بقاع العالم من جانب آخر. وبالضرورة، تسعى الزيارة التي يمكن تسميتها ب "من القدس الى روما" لإرسال رسالة الى قلب المسيحية الغربية تؤكد على مسؤوليتها الدينية والأخلاقية بوقف إنتهاكات الاحتلال في القدس، وذلك حتى يتسنى الحفاظ عل الطابع المقدس للقدس وحماية المؤمنين وأماكن عبادتهم التي تتعرض لانتهاكات يومية بفعل قطعان المستوطنين. إنها رسالة السلام التي يؤمن بها كل المؤمنين، وهي بالطبع رسالة تتناقض كليا مع فكرة الصهيونية العنصرية والعدوانية والتي برزت قبل نحو 150 عام في كتاب موشي هس المسمى ب " من روما الى القدس" والتي طالب فيها بالتحالف بين المسيحية الغربية واليهودية بهدف تقويض ما أسماه بطريقة عنصرية "البربرية المنتشرة في الشرق الأوسط" .