الإثنين: 20/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

هل فعلا حركة فتح تخشى الانتخابات الفلسطينية؟

نشر بتاريخ: 08/11/2021 ( آخر تحديث: 08/11/2021 الساعة: 10:11 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

انطلاقة حركة فتح قبل عشرات السنوات كانت ثورية وهي التي حملت القضية الفلسطينية على مدار عشرات السنوات والعمل الثوري آنذاك كان على اشده وبالتالي فان المنضمين لحركة فتح كان من النخبة الشبابية التي اخذت على عاتقها اولا واخيرا العمل العسكري المقاوم ضد الاحتلال الصهيوني واستمرت في نضالها الى اليوم ولكن ماذا بعد؟

وهنا، لن يكون متسع للحديث عن تاريخ حركة فتح طوال السنوات الطويلة، لكن اذكر انه وخلال الانتفاضة الاولى التي تجلت بكل معانيها كان العمل الكبير في الشارع الفلسطيني لحركة فتح، وهي التي كان اطلق عليها ام الجماهير، واذكر بالتحديد تلك السنوات ان العمل الثوري كان يستمر طوال فترات الليل والنهار بأشكاله المختلفة، وان كاتب هذه الكلمات ينتمي الى قرية بيتا التي استمرت في رفضها للاحتلال بكل اشكاله وحتى اليوم وان ما كان او ما زال في سبيل وقف العمل الشعبي وحتى الثوري مرفوض في تاريخ بلدة بيتا جنوب نابلس وهي التي استمرت ومستمرة حتى نهاية الاحتلال.

في بداية التسعينيات من القرن الماضي وقع تفاهمات اوسلو والتي قضت ورقيا على كل عمل مقاوم، وهنا ظهر الصراع بين مقاتلي فتح القدماء الذين ارتبط بعضهم بالمؤسسات والرواتب والمناصب وبين جيل فتح الشاب الذي يرفض أي علاقة مع الاحتلال وينبذ التنسيق الامني وغيره وهنا لاحتواء هذا الصراع بين الجيلين، تم انشاء بنية امنية مرتبطة بقيادة حركة فتح بهدف تسيير عمل التنظيم الاكبر في تاريخ فلسطين وحصره في بوصلة القيادة السياسية، وعلى الرغم من ذلك بقي المقاتل الفتحاوي ضاغطا على الزناد وفجر الانتفاضة الثانية، وبقي الصراع واخذ اشكال كثيرة، حتى وصلنا اليوم الى فراغ سياسي كبير مع دولة الاحتلال.

في تلك السنوات ظهرت كتائب القسام المقاتلة للاحتلال الصهيوني وهنا تم اختبار توجهات الشباب الفلسطيني الذي رفض الاحتلال والتنسيق معه، وتبنى خيار المقاومة الاوحد وهو ما ترجم في انتخابات 2006، التي فازت بها حركة حماس بأغلبية ومن وقتها لم تجرى انتخابات عامة وبقيت الانتخابات المحلية تجرى فقط في الضفة لكن بسيطرة من قيادة فتح المرتبطة بالقيادة السياسية حسب ما يعرف “بالتوافق" من فصائل منظمة التحرير والتي تم تقزيمها من ممثل للشعب الفلسطيني الى حزب سياسي او جهة سياسية وهي التي تحتاج الى مقال اخر لكي يفهم القارئ المزيد مما نعنيه.

على الرغم من ذلك وعبر نقاشي الطويل مع بعض المتنفذين داخل حركة فتح وفي الدائرة الضيقة، قالوا لي ان حركة فتح هي "مركزية ديمقراطية" أي انها تمنح الديمقراطية وتعمل الانتخابات لكن في اطار وجهة قيادتها السياسية وقيادة السلطة وبالتالي بني نظام في هذا الشكل ودعم هذا النظام من قبل اجهزة الدولة وخاصة الامنية.

لكن حركة فتح هي الحركة الوحيدة او التي تشترك مع بعض الاحزاب الفلسطينية وهي الاولى ايضا عربيا التي تطرح قيادة مؤسساتها الى الانتخاب، لكن أي انتخاب داخل اطر الحركة اذ لا تغيير في قياداتها لسنوات طويلة ونفس الوجوه، هذا الذي عنيناه بانه تم بناء نظام يعالج الامر بعناية ان يكون هناك انتخابات ولكن يتم انتخاب البعض الذي نريد ان يكون، تطور الامر وتم اقصاء عشرات القيادات والاف الكفاءات من حركة فتح ولي تجربة قبل عشرين عام في الجامعة، وقبل سنوات حتى الان على صعيد انتخابات الاقليم والمنطقة، حيث التهم حاضرة لك ان لم تكن مع التيار.

في الانتخابات الاخيرة العامة المؤجلة والمحلية، دعوت شخصيا واخرين كثر الى ان تكون هناك انتخابات داخلية لحركة فتح لكن قوبل الأمر برفض كبير، وتم اختيار اشخاص غير مرغوب بهم وتم اختيار اشخاص وبعض منهم لهم تجارب فاشلة في ادارة المؤسسات كممثلين لحركة فتح، الامر الذي ظهر في تقارير داخلية تم تداولها تعطي مؤشرات خطيرة بان حركة فتح ربما لن تفوز بالانتخابات.

ومن هنا نقول، بان حركة فتح لا تخشى الانتخابات أيا تكن وعشنا هذه الفترة في الجامعة وكانت قد تعرضت حركة فتح لبعض الخسائر في سنوات كثيرة، ولكن ذلك لم يغير من طبيعة الحركة ونهجها المقاوم، وكان السبب ان فتح تبنت كل اخطاء السلطة الوطنية منذ نشأتها من خلال المشتركين من القيادات في قيادة فتح والسلطة في نفس الوقت، وفتح بريئة وخاصة ان جزء كبير من الوزراء الفاشلين ورؤساء الوزراء كانوا من غير فتح، وان فتح مرة اخرى لا تخشى الانتخابات لكن الذي يخشى الانتخابات هي السلطة بمكوناتها، وبعض المتسلقين على ركب سفينة فتح.

فالمشكلة الحقيقية ان فتح قائدة النضال الوطني هي التي تحرك كل الركب والسفن في القضية الفلسطينية في ظل ضعف الفصائل وابتعاد حماس عن مشهد منظمة التحرير ومشهد السلطة، واذ انني من معارضي السلطة اولا وعلاقتها مع الاحتلال وحتى الان، نظرا لإداراتها التي لا تستوي مع نضال شعبنا، واستمرار نهجها على الرغم من الفشل المتراكم لها، لكن كان يمكن البناء عليها مع اطياف الشعب الفلسطيني جميعا والاستفادة من الكفاءات في الوطن والخارج للخروج باستراتيجية وطنية، لكن الهروب من استحقاقات القضية كان سيد الموقف لان الكثيرين يخشون على رواتبهم ومناصبهم، وادى الى حدوث خراب كبير حمل من بعض المغرضين لحركة فتح المسلوبة من قبل البعض.

اشبال وشباب فتح لن ولم يخشوا يوما الانتخابات، ولديهم الكثير في أي معركة انتخابية يخوضونها، لكن غياب الكفاءات ادى الى التطاول على حركة فتح، وبرز المنافقين في كل الاماكن وتم اقصاء الكفاءات في الحركة لصالح الجهال والمنتفعين والحمقى، وكان لي تجربة في بعض النقابات والاتحادات، فحركة فتح لديها مجالس ومنها الثوري ومؤسسات قادرة على اثبات وجهتها الصحيحة تجاه القضية الفلسطينية في كل الاوقات والازمان.

وهنا، نتوجه الى القاعدة الجماهيرية في حركة فتح ان تقوم على فرض وجودها القوي كما رأيناه في الانتخابات الاخيرة من ان اشبال وشباب فتح لا تخشى الانتخابات، وان محاربي فتح القدماء مع الاحترام هم من يهربون نحو الخيارات الاخرى، فظهر التمرد في بعض الهيئات بتشكيل قوائم انتخابية اخرى مستقلة خارج الحركة، وهو امر يجب معالجته ليس في فصل الكوادر وانما في اجراء انتخابات تمهيدية وداخل الحركة لفرز القادرين على قيادة الحركة والمؤسسات التمثيلية، وهو امر طرح في بيتا كبرى الهيئات في الانتخابات المحلية المرحلة الاولى هذا العام، وكان المصير كون فتح غير مستعدة نتيجة فشل اداري كبير ان لم تنافس أي من القوائم على الانتخابات وذهبت احلام واهداف الناس بعيدا الى سنة او نصف السنة، وهو سبب يؤجج الصراع داخل الحركة، ويقلل من ثقة الناس فيها، املين ان تصل رسالتنا بوضوح بعيدا عن المزايدين.

انتهى