الإثنين: 20/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

فلسطين والعداله المناخيه وقمة المناخ في"غلاسكو"!!

نشر بتاريخ: 08/11/2021 ( آخر تحديث: 08/11/2021 الساعة: 10:13 )

الكاتب: عقل ابو قرع

بدأت نهاية الشهر المنصرم، وتنتهي هذه الايام، اي بعد أكثر من عشرة أيام من الانعقاد، قمة المناخ برقمها السادس والعشرين، في مدينة غلاسكو الاسكتلنديه في بريطانيا، وبحضور معظم زعماء وقادة ووزراء البيئه والطاقه العالم وعلى رأسهم الرئيس الامريكي بايدن، ومن ضمن الحضور كذلك كان رئيس الوزراء الفلسطيني، وحوالي 50 الفا من العلماء والمختصين والنشطاء، سواء بشكل مباشر/ اي في غلاسكو، أو من خلال المشاركه الافتراضيه.

ورغم هذا الزخم الهائل والضجه الاعلاميه وتكدس الرؤساء والوزراء والمسؤولين والخبراء والبحثين،ورغم عشرات بل مئات الدراسات والابحاث وعرض النتائج التي تشير وبشكل علمي الى تفاقم تداعيات التغيرات البيئيه والاحتباس الحراري وما تبعه من التغيرت المناخيه، ورغم التعهد من الدول الغنيه، بتقديم حوالي 100 مليارا من الدولارات للدول الفقيره للتعامل مع تداعيات تغيرات المناخ، ألا أنه أصبح من الواضح وحتى ألان، بأن نتائج هذه القمه وأسوة بنتائج القمم السابقه، سوف تكون باهته غير ملزمه ولا ترتقي للتوقعات التي كانت تعول عليها.

وبأن الدول الكبيره مثل الصين والهند ولحد ما الولايات المتحده، لن تلتزم أو توقع على تعهد وقف انبعاث الغازات الى طبقات الجو، أو بالادق التوقف عن أستخدام الفحم الملوث الاكبر للجو، كأحد مصادر الطاقه الاساسيه، وبالتالي سوف تتواصل تداعيات التغيرات المناخيه، ليس على هذه الدول فحسب، ولكن على العالم قاطبه، لان تغيرات وتداعيات المناخ لا تعرف حدودا معينه.

وبالنسبه لفلسطين، وكما أوضح رئيس الوزراء الفلسطيني وغيره من المسؤولين، فأن ممارسات الاحتلال الاسرائيلي سوف تفاقم الاوضاع البيئيه عندنا، وتلك التي تصيبنا عاجلا أو أجلا فيما يتعلق بتغيرات المناخ، وسوف نتأثر في مواضيع هامه وربما مصيريه لنا، من موضوع شحة وجودة المياه، ومواضيع استغلال أو فقدان الارض أو التربه الخصبه التي أعتدنا على زراعتها، وبالتالي تداعي الامن الغذائي وسلامة الطعام، وموضوع تراكم النفايات والملوثات وبأنواعها، وقضايا ظهور أمراض أو أوبئه أو حشرات جديده وبالتالي الحاجه الى استخدام المزيد من المواد الكيميائيه، وما يفاقم كل هذه التداعيات من ممارسات للاحتلال الاسرائيلي على أرضنا وفي بلادنا.

وكما عرض الباحثون خلال قمة الاطراف رقم 26 في مدبينة غلاسكو، فأن السبب الاساسي لهذه التغيرات المناخية هي الدول الصناعيىة الكبرى والتي تتحكم في الاقتصاد العالمي، من خلال زيادة بث الغازات والملوثات الى طبقات الجو، وما ينتج عن ذلك من ارتفاع درجة حرارة الارض والتربة، ومن زيادة التصحر، اي عدم القدرة على زراعة التربة بسبب ملوحتها او قلة الامطار، ومن ذوبان للجليد، وبالتالي احداث الفياضانات، واغراق مساحات من الارض والبلدان، وكذلك الجفاف وبالتالي الاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية وتراكمها في التربة والطعام الذي يصل الينا.

وحين الحديث عن الحد من الغازات التي تلوث الجو والبيئة، فهذا يعني الحديث عن الحد من النشاطات الاقتصادية، او الى التوجة نحو الاستثمار اكثر في نشاطات اقتصادية صديقة للبيئة، او نشاطات صناعية نظيفة وخضراء، وهذا يعني الاستثمار والعمل والتشغيل، وهذا يعني بالضبط السياسة وتداخل المال مع السياسة، او تداخل وتأثير رجال المال والاقتصاد على السياسيين، وهذا يعني مدى صعوبة نقاش اسباب التغيرات المناخية في قمم المناخ العالميه من قبل الزعماء والسياسين، وبالتالي الالتزام بخفض انبعاث الغازات، وبالاخص من قبل الدول الصناعية الكبرى، مثل الولايات المتحدة الامريكية والصين واليابان والهند وغيرهما، حيث يلعب المال الدور الريئسي في ايصال او بقاء السياسيين في الحكم والتحكم في القرارات.

وفي ظل ذلك، وفي ظل غياب ما يعرف ب "العداله المناخيه"، في العالم، أي تأثر الفئات الاكثر هشاشه أو الادقع فقرا أو الاكثر ضعفا، بما تحدثه الفئات الاكثر قوه أو الاغنى أو المحصنه أكثر، فانه وبدون شك أن تأثيرات التداعيات البيئيه والمناخيه سيكون أكثر على هذه الفئات من الدول والمجتمعات والمناطق، وفي داخل المجتمع الواحد، سوف تتأثر الفئات الاكثر هشاشه أو الاقل قدره الى الوصول الى المصادر والفرص وتحقيق الامكانيات وملائمة الظروف حسب المتغيرات، وهذه الفئات سوف تعاني وتخسر اكثر، وبمعنى أخر سوف يكون التأثير من منطلق النوع الاجتماعي، أكثر حده على النساء أوعلى ألمرأه بشكل فردي أو جماعي، ومن ضمنها المرأه الفلسطينيه.

حيث سوف تكابد المرأه أكثر للتأقلم مع ظروف بيئيه ومناخيه وصحيه وزراعيه وحتى تنمويه جديده وصعبه، وبالاخص في المناطق الفقيره والمهمشه والريفيه والبعيده عن الخدمات وعن امكانية توفر الفرص أو الوسائل، وكل ذلك بفعل التغيرات البيئيه التي احدثها البشر، وبشكل رئيسي الجزء الاخر من النوع الاجتماعي، وبالتحديد في المناطق الغنيه المتقدمه والتي توفر وسائل التكيف وأمكانيات التغلب على التغيرات في النظام البيئي والنظام الحيوي، أكثر بكثير من المناطق الفقيره.

وهذا ينطبق وبوضح على الواقع الفلسطيني وبالتحديد على المرأه الفلسطينيه، التي تعمل في الزراعه وبالتالي تفقد التربه وخصوبتها التي اعتادت على زراعتها والعيش منها، أو في الصناعه وبالتالي تعاني من التلوث وبأنواعه،و أو تجاهد للحصول على المياه النظيفه غير الملوثه، أو الطعام السليم الامن، او تكون المرأه الاكثر تعرضا للامراض الجديده بفعل الافات الاجديده التي تظهر بسبب التغيرات المناخيه أو تزايد الامراض المزمنه، أو التي تضطر الى الهجره أو تغيير المكان بسبب التصحر وارتفاع الحراره وتضاؤل الحيز المكاني القابل للحياه.

والتغيرات البيئيه تؤثر كذلك وبشكل بعيد عن العداله المناخيه والمجتمعيه، على المرأه بشكل شديد من خلال ندرة المياه النظيفه الصالحه للاستعمال البشري، حيث تؤكد تقارير دوليه ان مياه قطاع غزه على سبيل المثال ملوثه بنسبه تصل الى حوالي 95%، سواء من ناحية التلوث البيولوجي أو الكيميائي من معادن ومواد عضويه وغير عضويه، وأن مياه مناطق الاغوار تزداد فيها نسبة الملوحه بأضطراد، بسبب الاستهلاك المتزايد للمستوطنات، وبأن مناطق في جنوب الضفه وحتى في الوسط لا تصل فيها المياه الى المنازل الا يوم أو عدة ايام في الاسبوع، ولكل ذلك أثار وخيمه على المرأه التي تدير المنزل وتربي الاولاد وتحفافظ على صحة البيت وسلامة الطعام.

وفي ظل النتائج الضعيفه لقمة "غلاسكو" للتغيرات المناخيه، وفي ظل غياب ما بات يعرف بالعداله المناخيه، ومع تبدل الاولويات من منطلق النوع الاجتماعي بفعل هذه التغيرات البيئيه المناخيه السريعه والعنيفه، سوف تتمحور أهتمامات العالم ومن ضمنهم الناس في بلادنا ، على التركيز على الحفاظ أو الحصول على الاشياء الاساسيه للحياه، من مياه نظيفه وانتاج زراعي أمن وهواء غير ملوث وحيز للعيش بعيدا عن الفياضانات والتصحروشدة الحراره والافات والامراض، وهذا يعني الابتعاد أكثرلا للفئات الضعيف أو المهمشه، مثل المرأه من التطلع الى احداث تغييرات قاعديه على المستوى القيادي السياسي والاجتماعي والتمكين الاقتصادي، والتركيز أكثر للحصول أو للاحتفاظ بأمور حياتيه حيويه.