الكاتب: زكريا بكر
تتواصل الجرائم الإسرائيلية بحق صيادي قطاع غزة على مدار 16 عاماً، وقد اشتملت على أنماط مختلفة من الانتهاكات المباشرة وغير المباشرة بما يتنافى مع القانون الدولي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي أقرتها الأمم المتحدة، وحينما نتحدث عن انتهاكات مباشرة وغير مباشرة تمارسها سلطات الاحتلال الحربية فإننا بكل تأكيد نتحدث عن عمليات الملاحقة والمطاردة تقوم بها زوارق الاحتلال الحربية والتي تستخدم بها كل أنواع الأسلحة الرشاشة بكافة الأحجام الخفيفة والثقيلة كذلك القذائف الصاروخية والقنابل الارتجاجية وضخ المياه من مضخات قوية جدًا وإطلاق الأعيرة الحديدية والمطاطية من مسافة صفر باتجاه أجساد الصيادين حتى أن الصيادين ونتيجة لتنوع الجرائم بحقهم أطلقوا أمثال شعبية يرددوها فيما بينهم مثل "الداخل للبحر مفقود والخارج مولود"، " إذا بدك تحافظ على نظرك فرط بجسمك لرصاص الاحتلال الحديدي".
منذ العام 2006 قتلت بحرية الاحتلال 13 صياد مدني أعزل أثناء عملهم بالصيد داخل البحر وأصابت ما يزيد عن 200 صياد أدت إلى فقدان بعضهم النظر وأخرين أصيب بإعاقات دائمة، ناهيك عن مصادرة مايقارب 180 قارب أعادت سلطات الاحتلال عدد كبير منهم لكنها أعادت تلك القوارب فارغة لا تصلح للعمل وقد سرقت منها محركاتها ومعدات الصيد بالإضافة لتدمير ما يقارب 190 قارب تعددت أضرارها إما في جسم المركب أو المحرك، ولم تقف جرائم الاحتلال عند هذا الحد بل أغرقت عدد كبير من القوارب وقامت بسرقة وتخريب الشباك المستخدمة بالصيد، وفي الآونة الأخيرة اتجهت السلطات الحربية بعمليات قرصنة بحرية لسرقة مراكب الصيادين الراسية في عرض البحر، كما وعملت على تحسين جودة مضخات المياه لزوارقها الحربية التي تقوم برش المياه فوق مراكب الصيادين لإغراقها وتدمير الأجهزة الإلكترونية الموجودة على متن تلك القوارب.
وبالحديث عن الجرائم غير المباشرة والتى لا تقل خطورة عن الجرائم المباشرة، والمتمثلة بمنع إدخال كل معدات الصيد منذ العام 2006 ماعدا الشباك بين الحين والآخر يتم إدخالها، وأهم المواد غير المسموحة بحجة الاستخدام المزدوج كالمحركات والأقيار(دافع الحركة للمحرك)، ومعدات تصنيع وصيانة المراكب، حتى بات هذا الموضوع كابوس يلاحق الصيادين ويقفون عاجزين أمام ما يتعرضون له من ظلم.
وكانت نتائج الحصار البحري والبري المفروض على قطاع الصيد كارثية، حيث أصبح أكثر من 95% من محركات الصيادين عمرها الإفتراضي انتهى وبحاجة لصيانة يومية بقطع غيار قديمة لا تصلح لها، ومراكب الصيادين الكبيرة لا يوجد بها محركات بحرية بل يقوم الصيادين بشراء محركات برية موجودة على الشاحنات يتم إعادة تدويرها حتى تتلائم مع الحياة البحرية بتكلفة عالية جدًا، كذلك عدد من المراكب الكبيرة توقفت عن العمل نتيجة لعُطل دافع الحركة ولا يوجد بديل بالأسواق، أما الخطر الأكبر الذي يواجه الصيادين فإنه يتمثل في منع إدخال مواد صناعة وصيانة المراكب التي في كثير من الأحيان تغرق في البحر لحاجتها للصيانة.
إننا أمام عملية تدمير ممنهجة مارستها سلطات الاحتلال الحربية بحق قطاع الصيد وبين الحين والآخر، كما وتمارس عمليات كذب وتضليل للمجتمع الدولي بالحديث عن تقديم تسهيلات للصيادين وتوسيع مساحات الصيد، ومن خلال قراءة المشهد نستطيع القول بأن ما تقوم به سلطات الاحتلال عبارة عن تقسيم مساحات الصيد لعدة مناطق ما بين 3 إلى 15 ميل وما يمتلكه الصياد بشكل فعلي صفر ميل نتيجة لعمليات الملاحقة والمطاردة التى تقوم بها زوارق الاحتلال الحربية في أي منطقة داخل البحر بهدف منع وصول الصيادين للأماكن الغنية بالأسماك مما يؤثر على الأمن الغذائي الفلسطيني ومنع إستدامة الغذاء وتطوير قطاع الصيد مما يؤثر على قطاعات أخرى لها علاقة بقطاع الصيد.
وبناءً على مما سبق لا يمكننا الحديث عن تعافي قطاع الصيد وإعادته لوضعه الطبيعي مساهمًا بالناتج القومي الفلسطيني إلا بتوفر 3 شروط أساسية.
١-توفير حماية دولية للصيادين ومراكبهم من بطش زوراق الاحتلال ووقف كل أشكال الجرائم بحقهم.
٢-إدخال كل معدات الصيد بكافة أنواعها.
٣-توحيد المساحات البحرية بما ينسجم مع القوانين والمعاهدات الدولية وضمان وصول الصيادين بشكل آمن إلى أماكن ومراعي الأسماك.
نؤكد على أن المركز القانوني الجديد الذي حصلت عليه فلسطين -دولة مراقب غير عضو في الأمم المتخدة-، والذي بموجبه أصبحت طرفاَ في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام ١٩٨٢م، يمنحها مجموعة من الحقوق القانونية كترسيم بحرها الإقليمي، والاستفادة من مياهها المتاخمة والمنطقة الاقتصادية الخالصة، واستغلال قيعان البحار والمحيطات بوصفه تراثاً مشترك للإنسانية.