الكاتب: راسم عبيدات
حرب مستمرة بدون توقف،صفحات عامة وصفحات شخصية،كل يوم يجري حذفها او تعطيلها لفترات تمتد لأشهر ... لا تصدقوا كذبة الديمقراطية والحريات الصحفية الغربية،فالقوى الإستعمارية وا ل ص ي و ن ي ة المتحكمة بالفضائين الإعلامي والثقافي،تترك هامش من الحريات ،لكي تعبر الشعوب المظلومة عن غضبها وسخطها،ولكن هذا الغضب والسخط و"التنفيس" يجب ان يكون مضبوطا ومطوعاً،ولا يشكل خطراً على سياسات واهداف وبرامج القوى الإستعمارية ودولة الإحتلال ودول النظام الرسمي العربي المهرولة للتطبيع مع المحتل.....الحرب على شعبنا الفلسطيني تشتد في الداخل والخارج وتتكامل فيها الأدوار ...والهدف واضح فرض شروط واملاءات على شعبنا الفلسطيني للقبول بحلول تصادر حق شعبنا في الحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة .... اتخاذ وزير جيش الإحتلال غانتس قراراً بإخراج ست مؤسسات مجتمع اهلي عن "القانون"،من أعرق المؤسسات وأكثرها نشاطاً ودفاعاً عن حقوق شعبنا،عن الإنتهاكات بحق أسراه،بحق أطفاله،بحق حقوقنا،وتقديم الخدمات للفئات المهمشة،قيامها بتوثيق ج ر ا ئ م الإحتلال بحق شعبنا ،وخوضها معارك قانونية وحقوقية وسياسية ضد الإحتلال في المحافل الدولية ..الخ، ،دفع بالمحتل لإعتبارها مؤسسات " إرهابية" واغلق مقرات عدد منها بأوامر عسكرية، تحت ذريعة صلتها وعلاقاتها با ل ج ب ه ة ا ل ش ع ب ي ة،هذا القرار الذي لقي استنكاراً وشجباً وادانة كبيرة وواسعة على المستوى العالمي وحتى داخل دولة الكيان نفسها، ستعمل القوى المتماهية مع دولة الإحتلال على تبنيه،مثل دول الإستعمار الغربي وأمريكا ودول النظام الرسمي العربي المهرول للتطبيع مع دولة الإحتلال.....ولذلك أنا لا انظُر لمحاربة صفحات المحتوى الفلسطيني،وبالذات واسعة الإنتشار والمتابعة جماهيرياً ورسمياً مثل صفحتي " القسطل" و"ميدان القدس" اللتان استطعتا بمهنية واحتراف عاليين وصدق وانتماء،وبمحتوى ومضامين عميقة ودقة ومصداقية وسرعة في نقل الخبر والحدث،ان توصلا رسالة الشعب الفلسطيني الى اوسع فضاء عربي- اسلامي- اقليمي ودولي ..رسائل تفضح وتعري دولة الإحتلال وتنزع عنها هالة وصفة " القداسة" عند العديد من الدول الإستعمارية وفي المقدمة منها امريكا وبريطانيا واوروبا الغربية،والتي تتغنى بدولة الإحتلال،كدولة ديمقراطية وقانون،حيث ظهرت على حقيقتها كدولة مغرقة في العنصرية والتطرف،والمعادية لشعبنا الفلسطيني،الذي ترفض الإعتراف بوجوده كشعب...هذين الموقعين وغيرها من الصفحات فضحت وعرت دولة الإحتلال في قمعها وتنكيلها بالأطفال ،في هدم المنازل،في طرد وتشريد السكان من بيوتهم والإستيلاء عليها، في التعدي على المقدسات وعلى المقابر...في ضرب نسيجنا المجتمعي،في تغذية الجرائم وانتشار الآفات الإجتماعية وغيرها،ولعل من سرع في الإجراءات والخطوات واتخاذ القرارات بحق المؤسسات الفلسطينية والقوى والفصائل وصفحات المحتوى الفلسطيني،التحولات الكبيرة التي حصلت على مستوى الرأي العام العالمي،ومواقف العديد من الدول من بعد معركة "سيف القدس" لصالح قضيتنا الفلسطيني،والتي لعبت مواقع التواصل الإجتماعي والصفحات الألكترونية دوراً بارزاً فيها ...ولذلك هذا المحتوى الوطني الفلسطيني سواء لصفحتي القسطل وميدان القدس وغيرها من مئات الصفحات،التي ترفض وجود الإحتلال وتدين وتفضح كل جرائمه بحق شعبنا الفلسطيني،وترفض المشاريع والمخططات ا ل ص ه ي و ن ي ة في الأسرلة والتهويد يجري محاربتها واغلاقها...ومحاربة المحتوى الفلسطيني،ليست منفصلة عن الحرب على المؤسسات الفلسطينية،حيث نجد هناك شروط تمويل ظالمة تفرضها دول الإتحاد الأوروبي على المؤسسات الفلسطينية التي تتقدم لطلب التمويل منها،بالإشتراط عليها أن تجرم نضال شعبنا و م ق ا و م ت ه،وان توافق على وصف العديد من فصائله وتنظيماته،والتي هي جزء اساس من شعبنا الفلسطيني ونضالاته ،بأنها تنظيمات " إرهابية"...ولم تكتف بعض الدول الأوروبية في ذلك،حيث نجد دولة مثل بريطانيا،بدل من ان تعتذر لشعبنا الفلسطيني،عما الحقته به من مصائب،واطلقت يد المستوطنين ا ل ص ه ا ي ن ة في الإستيلاء على أرضه...بدلاً من ان تعتذر عن خطيئتها وخطاياها،تمعن ليس فقط في الإنحياز لدولة الإحتلال،وتبرير كل أفعالها وقمعها وتنكيلها بحق شعبنا الفلسطيني،بل وجدنا انها أكثر عدائية وتطرف من دولة الإحتلال،في التنكر لحقوق شعبنا ورفض حقه في الحرية والإستقلال والإنعتاق من الإحتلال..ومصادرة حقه في النضال المشروع الذي كفله له القانون الدولي للتخلص من الإحتلال،ولذلك كان القرار الظالم لحكومة بوريس جونسون البريطانية اليمينية ووزيرة داخليته " بريتي باتل"،بإعتبار حركة ح م ا س بجناحيها العسكري والسياسي ،حركة " إرهابية" تاكيد على عداء متأصل لهذه الدولة التي يجب من الناحية الضميرية والأخلاقية والسياسية أن تتحمل كل ما لحق شعبنا من مصائب وطرد وتهجير ولجوء...ولذلك هذه الحرب على شعبنا الفلسطيني،الحرب على المؤسسات الفلسطينية ... على القوى والفصائل ...على المحتوى الفلسطيني،هي جزء من حرب شاملة تشن عليه،من اجل كسر إرادته وتحطيم معنويات،و"تطويعه" للقبول بمشاريع ومخططات تنفي حقه في الحرية والإستقلال والتحرر والإنعتاق من الإحتلال،إنها المكارثية الجديدة والنفاق الدولي وإزدواجية المعايير،والديمقراطيات الزائفة.
نحن ندرك بأن هذه الحرب في المستقبل ستتوسع،نحو اغلاق وحظر عمل أكبر عدد من المؤسسات المقدسية والفلسطينية،حتى التي نطاق عملها في مناطق وجود السلطة الفلسطينية، فإسرائيل تعتبر هذه السلطة مجرد سلطة خدماتية،و لا تعترف لها بالسيادة حتى في( معازل الف) التي يفترض ان تكون لها سيطره عليها امنياً ومدنياً،فالمؤسسات الستة التي جرى اغلاق مقرات اثنتين منها بقرار من قائد جيش الإحتلال( اتحاد لجان العمل الصحي واتحاد لجان العمل الزراعي لمدة ستة شهور،تعمل وفق القانون الفلسطيني وحاصلة على تراخيص من السلطة الفلسطينية،وموجودة مقراتها في قلب رام الله،وهذا القرار يجعل من السلطة الفلسطينية مجرد وكيل للإدارة المدنية.
الإستهداف لصفحات المحتوى الفلسطيني والمؤسسات والقوى والأحزاب الفلسطينية، يحتاج الى حملات شعبية وجماهيرية وتفعيل كل مكامن القوة الفلسطينية،سياسية وحقوقية وانسانية وقانونية ،واستنفار كل الأصدقاء داخلياً وخارجياً من اجل مواجهة هذه الحملات والقرارات الظالمة والمجحفة بحق شعبنا الفلسطيني ،وكل ما يتصل بوجوده من قوى سياسية ومؤسسات مجتمع مدني ومنصات اجتماعية وصفحات الكترونية ..يجب ان يكون هناك تكامل بين الجهد الشعبي والمؤسساتي والجهد الرسمي،وان يجري توزيع الأدوار وتوزيع المسؤوليات،بما يمكن من تحقيق نجاحات جدية في فضح وتعرية هذه حملات التحريض والقرارات الظالمة،التي تريد ان تجرد شعبنا من كل وسائل كفاحه ونضاله المشروعه،وتجعلها رهينة لقرارات دولة الإحتلال والقوى الإستعمارية، التي ترى بأنه لا يحق لنا ان نطالب بدولة فلسطينية والتحرر والإنعتاق من الإحتلال،بل يريدوننا ان نبقى مجرد خدم وحشم (سائين وحطابين) عند المحتل،نخدم مشاريعه ونبني مستوطناته على أرضنا المحتلة،مقابل ان يحسنوا من شروط وظروف حياتنا الإقتصادية والمعيشية تحت الإحتلال.
فلسطين – القدس المحتلة