الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

من الإحسان معرفة أن وزن المرء بمن يصاحب من الناس

نشر بتاريخ: 06/12/2021 ( آخر تحديث: 06/12/2021 الساعة: 23:10 )

الكاتب:

د. سهيل الاحمد

وهذا ليس مجاملة، أو اختلافًا في صدق المعاملة، ولا حتى اعتباره من قبيل المداهنة أو المباطنة، كي يقصد منها إظهار معالم براقة، أو التقرير على أنها تعني احتواء أصداء الصداقة، وإنما هي دلالة البحث عن الشخص المتزن، والمتقبل غيره بصدق وموضوعية والتزام، لأن من أراد أن يعرف قيمة نفسه عند غيره وقوة وده وعمق احترامه؛ فلينظر فيمن يصاحب من خلانه وكيف يعاملونه بردات أفعالهم مقابل أفعاله، حيث يعمد هو إلى أن يُوزن هذا ويُكيله، ويقبله ولا يُقيله، ويعلم من خلال ذلك ضوابط الوزن وعوالمه ومفاخره ومحاسنه، على اعتبار أن هذا أمر مطلوب من وقت لآخر، وبين شخص وآخر، حيث يكون اكتشاف هذا الوزن بمزايدة الخلطة، وبمعرفة من له الأثر حال أن يكون شخصًا عاديًا أو أنه في منصب ومكانة وسلطة، فإن عُلم معها بأنّ العنوان المتعامل فيه قابل للتجاوب وللتناصح والتصاوب؛ بان لك بأنك مخالط ومتعامل مع من هو مقربك من النجاح، وموقعك في مواقف الصلاح، ومبعدك عن المصائب والمشكلات، بل وجعلك ممن يلازمه معيار الإصلاح والحل، ومن يبعد نفسه في كل ذلك عن التعب والكلّ، وقد كان ممن يتواصل معك من خلال إزاحة الهم وإزالة الضيق عن النفس، والمغني لك عن الاختلاف، وحصول النَّقم، وترسيم مواقع الخير وسبل الرقي والعلاء. وقد بحثت بصدق في هذا الزمان والواقع والمكان في علاقاتي وتعاملاتي عن هذه المواصفات المعنوية، والسعادات التقاربية، فوجدتها في العلاء صاحب البراء والنقاء، لإعطائه حقه وقدره في هذا، حيث إنني استحضر في هذا مقولة واستظهرها بأمانة فأردد: كم حملت الهمّ عَنّي عندما كَلّت يميني ولكم آزرتني في أمر دنياي وديني، وإن كان هذا الحمل نسبيّاً إلا أن بعضه يستشعر، ويتحرى لك ويُفهم من مجاملاتك وانفعالاتك، أو حتى نداءاتك وابتهاجاتك، وأنا بدوري أعطيتك الخير والدعاء هدية واهب، وهو أسمى منح وأصدق عطاء، وهو من أكثر الأشياء متعة بين الجيران والأحبة المطلوب لها الصبر والإبقاء، فأنت مني وأنا منك كروح في جسد، رغم الاختلاف في أكثر من مسألة ورأي وأصل السكن والنسب والبلد، فأين تمضي في الدروب الغاليات، تائهاً في كل درب فاهماً سرَّ الحياة، سالكاً طرق النجاة، مفعماً بمعنى السعادة والحياة، فسر وانطلق إلى نيل الرضوان، والاستمتاع مع من تحب وتخالط من الخلان، واستشعر الكنز الثمين، وسعادة المحبين، من خلال استنشاق روعة الريحان، ومتعة اللقاء بالخلان، ولتحرص على اغتنام كل وقت بمعايشة حقيقة صدق النفس والتودد بتأدة واتزان، لإظهار الصدق وتقوية الثمرات الخيرة الحسان، وهو ما ألاقيه عند جعل الأحبة ومخالطتهم هو المقبول في التقدير والميزان، وأنت من قبيل هذا الطريق الواسع والواضح الممتد والمتحلي بالحب والعفة والصدق وقوة العزم والإيمان، أرجو لك التوفيق والسعادة والحفظ والرعاية من الله تعالى خالق الإنس والجان رب السماوات والاكوان.