الأربعاء: 25/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

انتخابات المجالس البلدية .. تحالف التنظيم مع العشيرة

نشر بتاريخ: 11/12/2021 ( آخر تحديث: 11/12/2021 الساعة: 16:04 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

لم تتغير قناعتي بأن الاقتصاد هو محرك الفعل في جميع البلدان، وفي شتى البلديات. وأن التخطيط الاقتصادي السليم، والمعرفة بمحتوى القرارات الإدارية القادمة. هو الذي يدفع ببلدات الى مصاف التنافس مع المدن والوصول الى حياة نموذجية حضارية .
ولكن المجتمع الفلسطيني لا يزال ينتخب الشخوص ولا ينتخب البرامج. وهذه إشكالية فنية بسيطة سببها فشل السلطة في إدارة تخطيط المدن والارياف "حتى لو كان الاحتلال هو السبب ولكن السلطة وقفت عاجزة امام عقبات الاحتلال ". ويمكن تجاوزها بالوعي والتدريب .
في الريف الفرنسي والريف الإنجليزي ومثله الاسباني والإيطالي، امتلأت المدن بهمومها فرحل الأغنياء ورحلت المشاريع السياحية والمنتجعات الطبية الى الأرياف. وهذا هو المستقبل المنظور في الخمسين سنة القادمة على الأقل .
وكنت كتبت من قبل عن (مدينة القرية) وعن (دولة المدينة). فهناك دول كاملة ومؤثرة لا يوجد بها سوى مدينة واحدة مثل قطر والامارات والكويت وكثير من دول أمريكا الوسطى .
اليوم جرت انتخابات 154 مجلسا بلديا محليا في 717 مقرا انتخابيا. وتبدو نسبة التصويت وافرة وتدل على رغبة المواطن في المشاركة والتغيير نحو الأفضل .
لكن انسحاب حماس من المشهد الانتخابي، وتحفّظ الجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي عن المشاركة جعل الفعل منقوصا ومترهلا .
وفي قراءة سريعة للقوائم الانتخابية نجد ان الحضور الاوسع في هذه القوائم تمنح ولاءها للعشيرة وللتنظيم. وفي معظم القوائم نشأ تحالف ارتجالي بين العشيرة وبين التنظيم. وهو تحالف سهل لكنه لن يحقق اية نتيجة على صعيد التخطيط السليم والرؤية النافعة .
قد يكون التخطيط للمستقبل يتطلب مؤقتا تقديم كفاءات لها حماية عشائرية ولها حماية تنظيمية. ولكن لا يمكن أبدا ان يكون هذا هو خط النهاية .
وفي حال انتقلت تجربة انتخاب المجلس البلدية هذه الى انتخابات المدن والى انتخابات المجلس التشريعي البرلمانية والى انتخابات النقابات. فإننا امام كارثة في علم الاجتماع .
ان صمت القيادات التنظيمية والسياسية على هذا الشكل الانتخابي له تفسير واحد فقط ولسان حال القيادات يقول (أيها الناس انتخبوا بعضكم بعضا واتركوا القيادات في حالها تبقى الى الابد من دون انتخابات) .

لن اتردد بالقول ان ندرة الانتخابات وضعف برامجها جعلت كل عشيرة في فلسطين تنظيما. وجعلت من كل تنظيم أن يصبح عشيرة .
مشاكل الريف الفلسطيني واضحة :
- ارتفاع سعر الأراضي وتدفق الاستثمار الصناعي والسياحي نحو الريف على حساب الزراعة التي يتم هجرها.
- عدم وجود نظام توزيع عادل للخيرات.
- هجرة او عزوف الخبرات المحلية.
- مشكلة المياه والكهرباء التي تراوح مكانها وتصيح سيفا على رقبة المجالس البلدية.
- تواضع الريف أمام الوزارات طلبا للدعم السهل بدلا من العكس.

اذا كانت التنظيمات الفلسطينية تنوي خوض الانتخابات البلدية القادمة، وتنوي خوض الانتخابات البرلمانية والرئاسة على هذا النحو. فان هذه معضلة كبيرة سوف تساهم في فرز قيادات ضعيفة تحتمي بالعائلات الكثيرة العدد فتأخذ منها ولا تعطيها، وتضعفها ولا تقويها .