الأحد: 19/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

انطلاقة فتح والعمل الجماهيري وصد اعتداءات المستوطنين

نشر بتاريخ: 18/12/2021 ( آخر تحديث: 18/12/2021 الساعة: 13:05 )

الكاتب: ربحي دولـــة



انتهج قادة فتح المؤسسين العمل السري مُنذ اللحظة الأولى والتي اجمعوا بها على العمل الثوري ضد الاحتلال بعد نكبة العام ١٩٤٨ حيث بدأ الحراك لتشكيل مجموعات عسكرية ومجموعات حشد للدعم المالي لتمويل عمل هذه المجموعات .
نضجت الفكرة وتهيأت الظروف لتنطلق حركة فتح في العام ١٩٦٥ بعمل عسكري قامت بـه مجموعة عسكرية من مجموعات العاصفة وهي التشكيل العسكري لحركة فتح بتفجير نفق عيلبون والذي كانت تهدف دولة الاحتلال من عمله لإيصال مياه البحر الى صحراء النقب لتزيد حصة دولة الاحتلال من المياه، خاصة أن قضية المياه والدراسات حولها بدأت ما قبل إنشاء دولة الاحتلال بعشرات السنين.
مُنذ تلك العملية نشطت المجموعات العسكرية وخاصة التي نشطت في الخارج وعملت أيضاً على تنظيم مجموعات في الداخل وبعد سقوط ما تبقى من فلسطين بعد نكسة حزيران زاد العمل الفدائي ضد المواقع الاحتلالية، وقامت بعمليات نوعية في العمق الاحتلالي موقعة في صفوف جنوده الخسائر الكبيرة، حيث انتهجت حركة فتح نهج العمل السري، وكان ينضم الى صفوفها صفوة أبناء شعبنا الذين قدموا التضحيات الجسام هدفهم كان تخليص شعبنا من ويلات هذا المُحتل وكان ثمن هذا النضال معروف الشهادة أو المُطاردة والاعتقال مُنتظرين النصر ودحر الاحتلال.
واستمر العمل التنظيمي توهجاً ولم تستطع دولة الاحتلال من الحد منه أو قمعه بالعكس كلما زادت من اجراءاتها القمعية زاد أبناء هذه الحركة من فعلهم وتمسكهم بنهجهم وحركتهم وضاعفوا من الجهد.
إن هذه الأنشطة الثورية والعمل لعسكري الموجه ضد الاحتلال أعطى هذه الحركة زخماً جماهيرياً، حيث شكلت الجماهير حاضنةً لتلك الحركة وابناؤها الذين أعادوا لهذا الشعب عنفوانه وثقته بنفسه بعد عدة هزائم المت به واحتلت أرضه جاءت الانتفاضة الشعبية الأولى في العام ١٩٨٧ لينخرط فيها كل مكونات الشعب الفلسطيني على اختلاف أطيافه السياسية، وكانت حركة فتح كما دائماً قائدة ورائدة العمل الثوري ضد الاحتلال، وقدمت التضحيات الجسام وسطرت عبر شبابها وفتياتها ملاحم بطولية في هذه الانتفاضة المجيدة وعجت السجون بالآلاف من أبناء "فتح" الى جانب باقي التنظيمات الفلسطينية الفاعلة والذين حولوا المعتقلات الى قلاع ثورية تنظيمية ومعاهد وطنية تخرج الأفواج المعبأة تعبئة فكرية وطنية مُحصنة أعطت لهذه الانتفاضة المزيج من التوهج والاستمرار في مُقارعة المُحتل حتى النصر .
بالفعل انتصرت الانتفاضة وأرغمت المُحتل على الاعتراف بحقوق شعبنا وأنشأت أول سلطة وطنية على الأرض الفلسطينية على طريق إقامة الدولة المُستقله بعاصمتها القدس الشريف. ان عملية البنا التنظيمي الذي انتهجته حركة فتح ما قبل خوضها وقيادتها للانتفاضة المجيدة من خلال اطلاق اذرعها النقابية كلجان الشبيبة للعمل الاجتماعي وسيطرتها على الاندية والمراكز الشبابية والنقابية كان له الدور الكبير في استقطاب العدد الاكبر من ابناء هذا الشعب مما سهل عملية الانطلاق نحو المقاومة الشعبية العارمة وسهلت قيادة الاطار القيادي لقيادة الانتفاضة تحت اسم القيادة الوطنية الموحدة.
من هنا بدأت "فتح" تعمل كحزب سياسي علني وانتهت السرية التي كانت نهج هذه الحركة، وأصبحت المُهمات والمُسميات التنظيمية علينة وعُقدت المؤمرات الحركية على مستوى الأقاليم والمناطق التنظيمية وحتى أعلى المُستويات بشكل علني وانخرط أبناء هذه الحركة في العمل ضمن تشكيلات السلطة المدنية والعسكرية، ومن هنا بدأ التأثير التنظيمي بالتراجع كون المُنافسة هنا بدأت على مواقع تنظيمية او درجات وظيفية، والضُعف يكمن في موضوع تقاسم الأدوار بين أبناء الحركة، وحيث أن حركة فتح حركة جماهيرية واسعة والمُسميات الوظيفية والمواقع التنظيمية محدوده لا تغطي هذا الحجم الكبير لأبناء الحركة، هنا بدأ التراجع وبدأ الضعف، واذا ما قرأنا الانتخابات الأخيره نرى أن الكثير من أبناء فتح نافسوا بعضهم ما بين قائمة حركية أو قائمة عائلية مُستقلة ، هذا التنافس سيخلق شرخا جديدا بين أبناء الحركة، وسيضعف الحركة أمام اي منافس آخر في ظل هذا الشرخ الذي أحدثته هذه الانتخابات، وأي انتخابات سابقة او لا حقة. أرى من خلال قراءتي لما وصلت اليه الأمور أن تُعيد قيادة الحركة النظر في آلية العمل الى العوده الى الالتزام بتكليفات الحركة والعودة الى ممارسة حالة الانضباط والالتزام الحديدي وأن تكون "فتح" كجسم تنظيمي مُنفصل عن السلطة مالياً وادارياً لأن الاحتلال مازال جاثماً على صدورنا ونحتاج الى عمل كبير والى حاضنة جماهيرية كبيرة كي نخوض مواجهة شعبية جديدة معه كي نُرغمه كما أول مرة على التسليم والاستسلام لإرادة شعبنا بقيادة هذه الحركة الصادقة مع شعبها ننتصر، أما إذا بقينا على هذا الحال أعتقد سنصل الى طريق يصعب علينا العودة وستضعف حركتنا وستفقد مدها الجماهيري وخاصةً في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها وفي ظل ما تُمارسه دولة الاحتلال وعصابات المستوطنين من سياسة الإجرام المُنظم بحق شعبنا من قتل وعربدة للمستوطنين بعد أن كانوا يرتعبون خوفاً من أبناء هذه الحركة العملاقة، ومن منا لا يعرف رائد الكرمي الذي كان يفرض حظر التجوال على المستوطنين، هذا الضعف العام الذي وصلنا اليه أعطى هؤلاء المُجرمين من المستوطنين المجال للعربدة والاعتداء على أبناء شعبنا ونحتاج الى إعادة هذه الحركة الى عهدها لنُعيد التوهج لهذا الشعب العظيم وللعمل الجماهيري المُنظم لنستعيد حقوقنا كاملة دون نقصان.