الأحد: 19/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

تناغماً مع زخم عالمي ضد عنفهم..هل يصبح الإرهاب الإستيطاني عنواناً للمعركة القادمة؟

نشر بتاريخ: 18/12/2021 ( آخر تحديث: 18/12/2021 الساعة: 19:32 )

الكاتب: د. جهاد عبد الكريم ملكة

إن عملية استهداف المستوطنين في نابلس جبل النار هي عملية نوعية بشكل دقيق كونها استهدفت الروح المعنوية لهؤلاء العصابات المعروفين ب(زعران الجبل) خاصة في ظل الإجماع الدولي على خطورة الاستيطان والمستوطنين والذي يعتبره المجتمع الدولي غير قانوني وبات يطرح في كل لقاء ونقاش، فلقد نشرت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس الماضي 16/12/2021 أول تقارير إدارتها الجديدة حول الإرهاب، مع قسم خاص بالعنف الإسرائيلي في الضفة الغربية أكثر تفصيلا بكثير مما كان عليه خلال سنوات ترامب. واحتوى هذا التقرير على ثلاث فقرات طويلة واستشهد مرة أخرى بإحصائيات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، التي كانت شائعة خلال إدارة أوباما.

إن التركيز على عنف المستوطنين في الضفة الغربية يجب أن يكون عنوان المرحلة القادمة وذلك لإحداث زخم وطني واقليمي ودولي لفضح جرائم وهجمات المستوطنين المستمرة والمتصاعدة على الفلسطينيين ولفتح ملف الاستيطان ولاعتبار المستوطنين "مجموعات إرهابية" وجب مقاومتهم وملاحقتهم أينما وجدوا وبكل الوسائل حيث المتاح منها ولاسيما ملاحقتهم قضائيا في الأوساط الدولية.

وحتى إسرائيلياً، لم تعد الحكومة الإسرائيلية قادرة عن الدفاع عن المستوطنين في المحافل الدولية بعد ازدياد عنفهم بصورة كبيرة في الاونة الأخيرة، وقد صرح وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بارليف أنه ناقش "عنف المستوطنين" مع فيكتوريا نولاند وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، وقال بارليف إنهم يجدون صعوبة في "النظر في المرآة"، وأن عنف المستوطنين أصبح يمثل مشكلة على الساحة الدولية.

وفي تقرير لمنظمة "بتسيلم" الإسرائيلية غير الحكومية المناهضة للاستيطان، أظهر التقرير أنه بين مطلع 2020 ومنتصف 2021 شن مستوطنون إسرائيليون أكثر من 450 هجوماً على فلسطينيين في الضفة الغربية من دون أن يتدخل الجيش الإسرائيلي في غالبية هذه الحالات لوقف العنف. وبحسب المنظمة فإن عُنف المستوطنين يشمل الضرب ورشق الحجارة والتهديد والوعيد وإحراق الحقول وإتلاف الأشجار وشتّى المزروعات وسرقة الثمار وإطلاق النيران واستهداف المنازل وتخريب السيّارات وفي حالات نادرة القتل أيضاً.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في الأشهر العشرة الأولى من عام 2021، كان هناك 410 اعتداء من قبل المستوطنين ضد الفلسطينيين (302 ضد الممتلكات و108 ضد الأفراد). وقُتل أربعة فلسطينيين على أيدي مستوطنين هذا العام. وفي 2020، كان هناك ما مجموعه 358 اعتداء مسجلا. و335 هجوما خلال عام 2019.

المطلوب الآن فلسطينيا على المستوى الشعبي ولأن اعتداءات المستوطنين موجهة بشكل أساسي ضد العائلات الفلسطينية القروية التي تعيش في مزارع صغيرة أو في قرى وبلدات في الضفة الغربية المحتلة محاذية للمستوطنات الإسرائيلية، أن تشكل هذه العائلات لجان حماية من المستوطنين ويتسلحوا بكل ما هو ممكن ويقوموا بدوريات حراسة لبيوتهم ومزارعهم. وقد كانت نماذج لمثل هذه اللجان ونجحت في بعض المرات في التصدي لهؤلاء العصابات.

أما على المستوى الرسمي الفلسطيني، فمطلوب من السلطة الفلسطينية فضح هذه الجرائم عبر الإعلام الرسمي وبتكثيف التقارير عن هذه الانتهاكات ورفد السفارات الفلسطينية في كل العالم بتقارير عن انتهاكات المستوطنين وجرائمهم وكذلك على المستوى السياسي كممارسة الضغوط الشديدة على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذه الجرائم وأيضا الاستعانة بالدول الصديقة لممارسة هذا الضغط على إسرائيل. في الحقيقة فان السلطة الفلسطينية تستطيع فعل الكثير لو توفرت الإرادة السياسية.

*باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية