الأحد: 19/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

موقع المرأة بين الورثة وعلاقة ذلك بقوة ميراثها من منظور الشرعي

نشر بتاريخ: 19/12/2021 ( آخر تحديث: 19/12/2021 الساعة: 18:25 )

الكاتب:

الدكتور سهيل الاحمد

الناظر في التشريع الإسلامي فيما يتعلق بالميراث يجد أنه قد قرر حق المرأة في ذلك حيث ساوى بينها وبين الرجل في أصل التوريث، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، قال تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً(. وقد "نزلت الآية في أوس ابن ثابت الأنصاري توفى وترك امرأة يقال لها أم كجة وثلاث بنات له منها، فقام رجلان هما ابنا عم الميت وَوَصِياه يقال لهما سويد وعرفجة فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته وبناته شيئا، وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء، ولا الصغير، وإن كان ذكرًا، ويقولون: لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الخيل، وطاعن بالرمح، وضارب بالسيف، وحاز الغنيمة، فذكرت أم كجة ذلك لرسول الله (، فدعاهما فقالا: يا رسول الله ولدها لا يركب فرسًا ولا يحمل كلا ولا ينكأ عدوا، فقال (: انصرفا حتى أنظر ما يحدث الله لي فيهن، فأنزل الله هذه الآية ردًا عليهم، وإبطالا لقولهم وتصرفهم بجهلهم، فإن الورثـة الصغار كان ينبغي أن يكونوا أحـق بالمال من الكبار، لعدم تصرفهم والنظر في مصالحهم، فعكسوا الحكم، وأبطلوا الحكمة، فضلوا بأهوائهـم، وأخطـأوا في آرائهـم وتصرفاتهم". وروي أن امرأة سعد بن الربيع قد جاءت بابنتيها من سعد إلى رسول الله ( فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدًا وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالًا، ولا تنكحان إلا ولهما مال، قال: يقضي الله في ذلك، فنزلت آية الميراث فبعث رسول الله ( إلى عمهما فقال أعط ابنتي سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن، وما بقي فهو لك". وهذا بيان أنه إذا ورث الابن ورثت البنت، وإذا ورث الأخ ورثت الأخت، وإذا ورث ابن الابن ورثت بنت الابن، وهكذا إذا ورث الذكر ورثت من تقابله من الإناث، كقاعدة عامة تتحقق فيها العدالة بين الذكر والأنثى. إن موقع المرأة في الميراث الإسلامي في أكثره من أصحاب الفروض، و"إن قاعدة الفرائض؛ أن جنس أهل الفروض فيها مقدمون على جنس العصبـة، سواءٌ أكان ذا فرض محض، أم كان له مع فرضه تعصيب، في حال إما بنفسه، وإما بغيره، والأخوات من جنس أهل الفرائض، فيجب تقديمهن على من هو أبعد منهـن ممن لا يرث إلا بالتعصيب المحض كالأعمام وبنيهـم وبني الإخوة". وبهذا يظهر كيف يتميز موقع المرأة في أصحاب الفروض وبيانه أن أكثر أصحاب الفروض من النساء فهم اثنا عشر فردًا، ثماني من النساء:" الأم، الجدة الصحيحة، الزوجة، البنت، بنت الابن، الأخت الشقيقة، الأخت لأب، الأخت لأم". وأربعة من الرجال:" الأب، الجد الصحيح، الزوج، الأخ لأم". وترث النساء بالفرض في سبع عشرة حالة بينما يرث الرجال به في ست حالات فقط. ثم إن أكبر الفروض في القرآن (2/3) وهذا لا يرثه إلا النساء وهن: البنات الصلبيات، وبنات الابن، والأخوات الشقيقات، والأخوات لأب. والنصف من الفروض ترثه أربع نساء وهن: البنت الصلبية، بنت الابن، الأخت الشقيقة، الأخت لأب، ولا يرثه من الرجال أحد سوى الزوج. وأما الثلث فترثه الأم في حالة عدم وجود الفرع الوارث أو جمع من الأخوة، وترثه الأخوات لأم عند التعدد حال عدم وجود الأصل للميت ولا فرع وارث له، ولا يرثه من الرجال سوى الإخوة لأم بنفس الشروط، وقد تكون معهم أخوات لأم. ويأخذ السدس ثمانية خمس من النساء وهن: "الأم، الجدة الصحيحة، بنت الابن فأكثر، الأخت لأب فأكثر، الأخت لأم"، وثلاثة من الرجال وهم: الأب، الجد الصحيح، الأخ لأم. ويتساوى عدد النساء مع الرجال فيمن لا يحجبون مطلقًا من الميراث، وهؤلاء هم ثلاثة من الذكور ومثلهم من الإناث: الزوجان (الزوج والزوجة)، الولدان (الابن والبنت)، الوالدان (الأب والأم)، فإذا توفي شخص وترك ورثة من الرجال والنساء فلا يرثه منهم إلا خمسةٌ: الابن والأب والأم والزوجة (أو الزوج) والبنت". وإذا اجتمعت النساء الوارثات وهن: "البنت، وبنت الابن (وإن نـزل ابن الابن)، والأم، والجدة مطلقاً، والأخت مطلقًا، والزوجة" فلا ترث إلا للزوجة والبنت وبنت الابـن والأم والأخت الشقيقة. وأما إذا اجتمع جميع الرجال الذين يمكن توريثهم فلا يرث منهم إلا ثلاثة فقط، وهم "الزوج والأب والابن". وفي ذلك بيان مدى قوة جانب المرأة على جانب الرجل في الميراث.