الأحد: 19/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

رئيس الوزراء يستعجل مؤشرات التعافي

نشر بتاريخ: 28/12/2021 ( آخر تحديث: 28/12/2021 الساعة: 11:28 )

الكاتب: ناصر دمج

أخطأ رئيس الوزراء الدكتور "محمد اشتيه"، بقوله أن هناك انخفاض كبير في معدلات البطالة، بل ولامس حدود التلاشي للظاهرة في فلسطين، حيث ادعى بأن "العالم شهد ارتفاعاً في نسب البطالة، بينما فلسطين تشهد انخفاض كبير، والكل يشتكي من نقص الأيدي العاملة".

وهذا يقدم صورة مظللة عن الحالة الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين، التي تخضع لرقابة خاصة من قبل البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية، لأن معدلات البطالة لم تنخفض لدينا، والضائقة الاقتصادية على حالها.

لأن الاقتصاد الفلسطيني خسر خلال العام الماضيين أكثر من ثلاثة مليارات دولار، تحت وطأة انعكاسات الجائحة الصحية، وأن قاعدته الانتاجية في انحسار متعاظم؛ وجزء كبير من قطاعاته الانتاجية المشغلة للعمالة؛ لم يدركها التعافي بعد، مثل قطاعي السياحة والخدمات، وهجرة عمال البناء والتشييد لسوقهم المحلي والفرار لسوق العمل الإسرائيلي.

لهذا فإن الادعاء بأن هناك انخفاض في معدلات البطالة، ونقص في الأيدي العاملة؛ يعني بأننا عبرنا عتبة التعافي من آثار الجائحة الصحية، وهذا في ظني لا يعكس الحقيقة بأي حال من الأحوال، في حين ما زالت مؤشرات البطالة العالمية تمنح فلسطين مكانة متقدمة على لائحة الدول التي تعاني من البطالة المزمنة، سيما في صفوف الشباب (إناث وذكور) خريجين وخريجات.

آخذين بعين الاعتبار، أن تخفيض معدلات البطالة، هو أمل لم تدركه كبريات الدول الصناعية، كانعكاس قاهر للجائحة الصحية، وتهديد كبير لبرامج وخطط التنمية الوطنية والقومية.

بينما أخبرنا الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في شهر تشرين ثاني 2021م، بأن عدد العاملين في الضفة وقطاع غزة، قد ارتفع في الربع الثاني من عام 2021م بنسبة 2% فقط، خلال الربع الأول من العام نفسه، أي إنه تم تشغيل (22) ألف عامل جديد، أي بزيادة قدرها 1% في الضفة الغربية عن الربع الأول لعام 2021م، و 6% في قطاع غزة خلال الفترة نفسها.

بينما بلغ عدد المتعطلين عن العمل في الضفة الغربية مع نهاية الربع الثاني من عام 2021م، حوالي 155 ألف فرد، و212 ألف فرد في قطاع غزة، فيما سجلت (غزة) نسبة بطالة تجاوزت حد الــ 45%، و17% في الضفة الغربية.

كما انخفض عدد العمال الفلسطينيين الملتحقين بسوق العمل الإسرائيلي والمستعمرات، من آذار 2020م – آذار 2021م، من حوالي 142 ألف عامل في الربع الرابع 2020 إلى حوالي 138 ألف عامل وعاملة خلال الربع الأول 2021م، وهذا يؤشر على زيادة نسبة المتعطلين عن العمل لا تناقص عديدهم، أما على مستوى الجنس فقد بلغ معدل البطالة للذكور في فلسطين 24٪ مقابل 43٪ للإناث. (المصدر - الإحصاء الفلسطيني يعلن النتائج الأساسية لمسح القوى العاملة للربع الاول 2021 دورة كانون ثاني – آذار2021م، https://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=3986)

وهذا يعني أن هناك محصلة واحدة لهذه المؤشرات، مفادها أن البطالة على حالها، إنما قلة الأيدي العاملة في قطاع البناء والتشييد بالتحديد، الذين انخفض عددهم بمعدل 11 ألف عامل فلسطيني، تركوا السوق المحلي وتوجهوا للسوق الإسرائيلي المماثل؛ بسبب انخفاض الأجور في سوق العمل الفلسطيني، وليس للتفكيك الفلسطيني لمشكلة البطالة، وفك عقدها البنوية؛ وهو ما حاول رئيس الوزراء إيصاله للعالم من خلال تصريحه.

لاحقاً لذلك، سيشهد قطاع التكنولوجيا حالة مشابهة من النقص في العمالة، بسبب فتح إسرائيل لسوقها المماثل أمام العمال الفلسطينيين المهرة والمهندسين والفنيين، في مضمار الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات.