الكاتب:
عوني المشني
ليس بالمؤكد ان يكون عقدد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في ظل هذه الظروف العصيبة امرا جيدا ، واكثر من هذا ليس مؤكدا بان مشاركة كل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في هذا الاجتماع قد يكون مفيدا ، فليس بالضرورة ان المركبات الجيدة تؤدي الى منتج ايجابي يبشر بالخير .
الذي دعى لعقد المجلس المركزي تحت يافطة اخذ قرارات جريئة لمواجهة استمرار الاحتلال وانغلاق الافق السياسي تراجع عمليا ونظريا عن مبررات الدعوة واستعاض عنها باجراءات تأتي في سياق الانصياع التام لمعطيات الواقع السياسي ، فاجتماع الرئيس مع غانيتس والنتائج التي تمخض عنها هذا الاحتماع وما سبق هذا الاجتماع مع اجتماعات مع الطاقم الامريكي كل هذه مؤشرات واضحة على الانزلاق نحو سياسة تخفيض الصراع وتحسينات معيشية دون اي بعد سياسي ، هذا يعني ببساطة ان اجتماع المجلس المركزي مطلوب منه ان يضفي الشرعية على هذا التوجه ، واذا كان الامر كذلك سيصبح عدم انعقاد المجلس المركزي افضل من عقده . وعدم مشاركة الكل افضل من الاجماع على دعم هذا التوجه
وثانيا هناك من يثير الشكوك بان المجلس سيسند اليه دور جديد وهو توسيع ولايته القانونية ليكون بديلا للانتخابات العامة في اختيار الرئيس القادم باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية هي مرجعية السلطة ، وهذا بحد ذاته لو حصل سيكون الانتقال الكامل للنظام الدكتاتوري الذي يلغي الديمقراطية ، وبالتالي يصبح عقد هذا المجلس أسوأ بكثير من عدمه .
عقد المجلس من اجل تشريع الاداء والسياسات الراهنة لا يعدو كونه تعميق للازمة واطالة لعمرها ، ويشكل عملية التفاف على الغضب الشعبي والثقة المتناقصة باطراد بين البنى السياسية والجمهور .
حتى يكون اجتماع المجلس المركزي ذو قيمة ويخرج عن السياق الاستخدامي المثير للاشمئزاز عليه اولا التوقف امام الفشل السياسي ، هذا الفشل الذي سبب في تراجع مكانة القضية الفلسطينية عربيا ودوليا ، والاهم ان هذا الفشل ادى لتراجع مكانة البنى السياسية الفلسطينية لدى الشعب الفلسطيني ابتداء من منظمة التحرير مرورا بالفصائل وانتهاء بالسلطة ، فالثقة بالبنى السياسية الفلسطينية تتراجع بتسارع كبير الى حد ان البحث عن بدائل اصبح لغة المثقفين والشارع العريض بنفس الوقت .
حتى يكون المجلس ناجحا عليه ان يلزم الاطر التنفيذية على تنفيذ قرارته ، وقرارات المجلس الوطني من قبله ، حيث انه من الواضح عبر التجربة ان السلطة التنفيذية تعمل بمعزل عن توجهات الاطر ، يحكمها رغبات فردية لرأس الهرم .
ان الفيصل في الموضوع هو ماذا يراد من المجلس ؟!!! هل يراد ان يجيب على الاسئلة الصعب التي تتهرب القيادة المتنفذة من مواجهتها او يراد له ان يستمر في بيع الاوهام لشعبنا واطعامنا جوزا فارغا باصدار بيان عام عام لا يحدد اجراءات ولا يرسم سياسات ولا يحدد مسئوليات .
ان التلعثم في المواقف امام القضايا المصيرية ليس موقف ، ومحاولة استحلاب انجازات من الاخفاقات المتتالية لا تشكل سياسة يفترض دعمها وشرعيتها ، فعندما يصبح " انتزاع دايرة ام لابنها الذي يصارع الموت " نصرا مؤزرا فان هذا يعني اننا وصلنا الى القاع . فالهزيمة يتيمة واصحابها يفترض ان يبقوا ايتام من اي دعم شعبي او شبه رسمي . القطع الكامل مع القائمين على نهج التفرد والاستخفاف بالرأي العام الشعبي لا يفترض ان يجد فصائل داعمة له .
مقاطعة المجلس المركزي من عدمها يفترض ان تتحدد بناء على جدول اعماله والاتفاق المسبق على نتائجه بحرفيتها وبدقة لا تقبل التأويل . ودون ذلك فان عدم عقد المجلس يصبح خيارا افضل وفي الحد الادنى عدم حضور الجميع افضل من حضورهم .
طبعا هذا ليس موقف عدمي ، فحتى عدم انعقاد المجلس الوطني لا يشكل نهاية للامر بل هو البداية ، والبداية فقط فالخروج من حالة لفشل والتخبط والاستفراد عملية معقدة وطويلة وتحتاج الى قوى طبيعية حتى لان لم تتبلور .