السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأغلبية للشعب والشعب مغيب

نشر بتاريخ: 24/01/2022 ( آخر تحديث: 24/01/2022 الساعة: 11:15 )

الكاتب:

د.ماهر عامر

يقترب انعقاد المجلس المركزي في ظل حالة فلسطينية هي الاسوء في تاريخ المرحلة، لا يوجد أفق سياسي حقيق ولا توافق على إستراتيجية وطنية واضحة، وحالة التشرذم والانقسام المدمر التي انعكست على كافة القضايا السياسية والداخلية، فقد شكل المجلس المركزي لعقود خلت مرجعا سياسيا ذو وزن هام على الساحة الفلسطينية والعربية، ذلك عندما كان للمجلس المركزي تمثيلا حقيقيا للشعب الفلسطيني، وفي كثير من المحطات كانت العيون تتجه نحو انعقاد المجلس المركزي كأحد أهم الاجتماعات التي لها صدى وتأثير ونتائجها تتطلب الكثير للوقوف على تحليل مضمونها، فقد تم بقرار اللجنة التنفيذية في جلساتها عام 1973 تشكيل المجلس المركزي من 32 عضوا يضاف إليهم 6 أعضاء مراقبين، وذلك على الشكل التالي، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وأعضاء اللجنة التنفيذية الـ10 وأربعة من حركة فتح، واثنان من الصاعقة، واثنان من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واثنان من جبهة التحرير العربية، واثنان من الجبهة الديمقراطية وتسعة من أصحاب الكفاءات. أما اليوم فقد تضاعفت عضوية المجلس المركزي أربع إضعاف تقريبا حيث وصل عدد أعضاء المجلس المركزي 144 عضوا تحت مسميات كثيرة يصب معظمها في صالح حركة فتح مع بقاء حصة التنظيمات الأخرى كما هي، وهذا الحال ينطبق على المجلس الوطني الذي تضاعف أيضا أربع إلى خمس إضعاف وكذلك الحال في اللجنة التنفيذية أيضا والتي يتم التحايل على عضويتها تحت مسمى المستقلين كما حدث في بعض المحطات إضافة أعضاء من مركزي حركة فتح تحت مسمى مستقل. وهنا لا بد من توضيح مفهوم الأغلبية التي يصدح بها البعض. مفهوم الأغلبية هو مفهوم هلامي لا يعبر عن الواقع بشيء، وهذا يدلل عليه من خلال العديد من المعطيات ولو افترضنا جدلا أن انتخابات المجلس التشريعي السابقة عام 2006 هي مؤشر لوجدنا إن لا أغلبية لأحد، علاوة على انتخابات المجالس المحلية والبلدية وانتخابات الجامعات، مع العلم أن منظمة التحرير هي تمثيل للفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم وبالتالي هنا لم نأخذ بعين الاعتبار وزن وتمثيل الفصائل الفلسطينية الممثلة للمنظمة في ساحات الشتات (لبنان وسوريا والأردن) والمهجر.

لقد استمدت منظمة التحرير الفلسطينية صفة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني من خلال التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الفلسطيني بفصائله المختلفة، ثانيا التركيبة النظامية للمنظمة والتي قامت على أساس الائتلاف التوافقي الوطني والتمثيلي لكافة الفصائل داخل المنظمة، وخلال محطات عديدة واجهة المنظمة الكثير من التحديات وعلى رأسها القرار الفلسطيني المستقل والذي انتزع بحكم الروح التوافقية والنضالية.

لم يكن يوما القرار في أروقة مؤسسات منظمة التحرير أساسه الأغلبية التي يدعيها البعض، بل كان الأساس التوافق الوطني الائتلافي. وعليه فأن النصاب الوطني هو المعيار الحقيقي لتمثيل منظمة التحرير للكل الفلسطيني وليس المعيار العددي المشوه الذي يستخدمه البعض .

وفي ظل سياسية الفك والتركيب المتبعة في كافة مؤسسات منظمة التحرير والاستخدام عند الحاجة، لا بد من الوقوف إمام دور المنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني واعلى سلطة سياسية للشعب، فقد تم أفراغ قرارات المجلس الوطني والمركزي من مضمونها بل وتم تجاهلها الأمر الذي افقد المنظمة هيبتها إمام الجميع، أن انعقاد المجلس المركزي في هذه المرحلة الحساسة وفق الصيغة المطروحة هو تجاوز وانقلاب على دور المنظمة، وإمعان في سلب صلاحيات المجلس الوطني واستخدامه خارج صلاحياته المنصوص عليها، بل وتفريغ لصلاحيات المجلس المركزي نفسه، لأنه من المفترض أنه رقيب على تنفيذ قراراته من قبل اللجنة التنفيذية والتي تم تجاهلها والالتفاف عليها .

وهنا المطلوب من فصائل اليسار التي شكلت صمام الأمان للحفاظ على المنظمة في الكثير من المحطات وخاصة الجبهة الديمقراطية والتي دفعت الكثير من اجل الحفاظ على المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. أن يكون لها موقف واضح حول إعادة الاعتبار للمنظمة ومؤسساتها.