الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

تكمن المفاضلة مع العدل .. وبه يتحقق التقدم والنجاح

نشر بتاريخ: 30/01/2022 ( آخر تحديث: 30/01/2022 الساعة: 20:10 )

الكاتب:

الدكتور سهيل الأحمد

فهنا وفي هذا المقام ترتسم لحظات المقاربة، وتكمن لدى المرء المفاضلة، فتطبيق قيم العدل وخطواته الصادقة خير للمرء من مزرعة في الدنيا فيها أنهار عذبة وحدائق ذات بهجة، وقصور شامخات وجبال راسيات، ومقامات دنيوية لا أثر لصاحبها منها إلا اسمها، حيث قد ابتلي هو بالتكليف في ذلك ولم يعلم أنه يساق إلى ابتعاد وجفاء واضح عن خيار الناس وأهل الصلاح، بل وعن تقرير مبدأ العدل المطلوب، وكذلك الإعانة على إفشال مشروع قد اهتم به وسهر لأجله لسنوات، ظنًا منه أنه يسلك طريق المصلحة، مع أنه يبتعد عنها أميالًا وأقوالًا وأعمالًا وأفعالًا، بل ويوبق نفسه فيوقعها في المفاسد المرفوض حصولها لشر أفعاله وانفعاله، وطبيعة أمزجته وميوله.

ومن الخيرية المطلوبة في هذا المقام؛ أن يحرص المرء على العدل في كل تصرفاته وخاصة فيما هو تحت رعايته ومسؤوليتها، وأن يقرأ كذلك في أوقات استجابة الدعاء آية من كتاب الله تعالى تكون سببًا في تقربه من ربه، وتعلي من قدر العمل الذي يتطلب الإخلاص، وهذا تصرف فيه مفاضلة للإنسان وخيريه له من أن يحصل على منزل واسع رحب طيب الأهل كثير الظل وجميل المقام.

ومن النصح لمن يرغب بالعلو وزيادة المراتب عند الله تعالى مع نيل حقيقة الاصطفاء أن يعمد إلى مقولة الصدق التي فيها طلب النجاة مع الإخلاص لله سبحانه وتعالى في الدين والمسؤولية والأمانة؛ لأن هذا هو أصلح للمرء من منصب يتم فيه التكليف وإن كان فيه مكانة ووجاهة دنيوية تلمحك به ومن خلاله العيون وتشير إليك بسببه الأصابع والقلوب.

ومن المعلوم أن هذه القلوب وهذه العيون لا تعلم حقيقة الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقك، لأن المخاطب بذلك هو أنت وقد جاء هذا من خلال التكليف المفروض عليك، بتحقق الأهلية التي تلازمك فأنت صاحبها لتوفر أسبابها، ولذا وفي هذا المقام ومن لوازم الاحترام أقدم النصح للقائم بذلك فأخاطب معالم القيم المطلوب تحقيقها عنده فأقول: قد سئل أحد الصالحين سؤالًا بقولهم: من أشد الناس صراخًا يوم القيامة؟، فقال: رجل رزقه الله بمنصب استعان به على ظلم الناس، فيا أيها الذي يبتغي الرفعة وتحصيل مراتب العلو ومقامات التقدم لقد تم اختيار هذه الكلمات وتم صياغة هذا التخاطب لمعرفة أين تكمن المفاضلة لتستقيم لك حياتك، وليسلك المرء العاقل في كل ذلك سبل النجاة، ويتفهم الأمر المستشعر والمطلوب من القيام وعموم الأعمال وصدور الأقوال، ليحصل له معرفة حقيقة معنى الحياة، وعندها أقترب بدوري أنا منه فأسأله وأقول: هل يمكنك أن تعقل أيها الإنسان حقيقة الأمور وهل تعلم أنت طبيعة أحوالك وتصرفاتك الحاصلة في كل زمان ومكان؟ أم أنك تغفل أو تتغافل؟، فإن المفاضلة تكمن في إدراك طبيعة العدل وأهمية تحقيقه مع نفسك ومع من هو تحت ولايتك ومن تبتغي لهم ولك التقدم والفضل والعون وزيادة المقامات والرفعة المطلوب نيلها في كل حال وموقف ومقام.