الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حتى تستقيم لك الحياة لا بد من سلوك سبل النجاة

نشر بتاريخ: 02/02/2022 ( آخر تحديث: 02/02/2022 الساعة: 07:38 )

الكاتب:

د. سهيل الأحمد

إن أغلى دقائق العمر؛ هي ما يستغله الإنسان من لحظات الليل ومتغيراته، ومن منازعات التعامل مع النفس وانفعالاته، وهذا يعني أنه إذا حصلت منك صلاة وتهجد فلا بد لك في ذلك من الإطالة والتأمل والمحاورة المستشعرة بأمانة ومسؤولية، ولا بد لك أن تكثر في كل ذلك من ذكر مولاك تعالى سبحانه، وأن تقبل إليه وتقترب، وتتبتل حال ذلك تبتلًا ظاهرًا صادقًا، مع تحقق الحمد على أن أيقظك في هذا الوقت والزمن الخاص واصطفاك في ذلك عن غيرك من الناس ممن هو نائم فلم يحصل على الاستغلال الأمثل لهذه اللحظات ولهذا الزمن كما أنت قد وقعت فيه فتهجدت وأقبلت فتبتلت وحاورت فطلبت، فقد قيل هنا وفي هذا الشأن: إن أهل الليل في ليلهم أشد لذة من أهل اللهو في لهوهم، حيث يتجلى هنا خاص العبادة، ويشعر معها المرء بصدق السعادة، وأهمية الاصطفاء المقرب من العزيز الغفار، وهنا تكمن المفاضلة، وتتقوى لديك محددات النجاة، وترتسم لحظات المقاربة وأهمية المحاسبة، فتسبيحة صادقة بقولك: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، يثبتها من يقبل على الله تعالى في صحيفته، وهو يظهر أنه امرؤ يحتاج إلى عفو ربه وإلى مصير يرتقي فيه نتيجة أعماله وأفعاله، فيعلم هنا أن في هذا الموقف آثارًا ومعان هي خير من مزرعة في الدنيا تحتوي على أنهار عذبة وحدائق ذات بهجة، وهي بهذا تتقدم على قصور شامخات وجبال راسيات يحرص المرء على تحصيلها وكذلك طلبها في الظاهر والباطن، وهنا يتوجب عليك أن تخاطب هذا الإنسان لتعلمه كيف تستقيم حياته وكيف أيضًا يسلك طريق نجاته ومن ثم ضبط مواقفه وانفعالاته حيث يلزمك أن تقول له: الدنيا دار ابتلاء وامتحان، والامتحان الحاصل فيها فرصة ذهبية للعمل، فلتحرص على صلاحه، وتقدمه وفلاحه، بمثابرة وجد، والجد الحاصل منك في هذا الحال وطبيعة المقبل عليه من الأعمال، لا يمكن لك من إتمامه وإنجازه حال حلمك أو تصورك القليل الظاهر، أو من خلال إقدامك على أن تنام لتحلم، أو تكون يقظًا فتتوهم، لأن الحياة لا يمكن النجاح فيها بالأوهام، ولا يتحصل للمرء الشفاء والبرء من الأسقام، إلا إذا عمل وسلك سبل النجاة لاستقامة الحياة، فمن رسم في عقله هدفًا دون أن يعمل على تحقيق ذلك فقد أهلك نفسه وفكره ودفنهما في حياته قبل مماته، فبالتصميم على العبادة الخاصة المشروعة والقيام بالأعمال المنجية والرافعة وغير الممنوعة تحقق لك الأهداف المطلوبة وتستقيم لك الحياة، وبالإخلاص في كل ذلك يمكنك أن تسلك سبل النجاة، فلا توقف التأمل ولا التهجد مع طلب التوفيق في كل ذلك، لأن الخصوص لا يأخذه إلا الخاصة، ولا ينال فضله إلا من تعب وسهر وطلب حال الخلوة مع ربه سبحانه وتعالى بصدق وتفان مؤثر في المآلات والمقاصد السامية في التصرفات والحالات.