الكاتب: اكرم عطالله العيسة
وهنا اتحدث عن تقرير منظمة العفو الدولي "أمنستي" الذي صدر يوم امس الثلاثاء 1 شباط 2022 - فهو تقرير مميز بكل المقاييس، في جرأته وفي تفاصيله التي تجد ان دولة الاحتلال تمارس الفصل العنصري وانها تمارس الاضطهاد والقمع والقتل والترحيل وهدم البيوت والابنية اتجاه الفلسطينيين بشكل منظم.
ليس هذا هو التقرير الأول لمنظمة أمنستي او منظمات حقوق الانسان الأخرى مثال هيومن رايتس ووتش حول حقوق الانسان والممارسات الإسرائيلية اتجاه الشعب الفلسطيني من قبل دولة الاحتلال، بل كان هنالك العديد من التقارير والادانات اتجاه الممارسات الإسرائيلية بدءا من هدم البيوت مرورا بحقوق الاسرى الفلسطينيين خاصة الاعتقال الإداري وصولا الى عمليات القتل والترحيل التي تمارسها إسرائيل اتجاه الفلسطينيين، لكن هذا التقرير ربما يكون ألأميز والأكثر وضوحا وتفصيلا وربما جرأة في وصف الممارسات الإسرائيلية.
التقرير لم يتحدث فقط عن إسرائيل كدولة محتله فقط انما تحدث عنها بوصفها دولة فصل عنصري، فقد أبرز الانتهاكات بحق الفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية داخل دولة الاحتلال، وكيف يتم التعاطي معهم كعرقية أدني وتصادر الكثير من حقوقهم كمثال الهدم والتنكيل الذي تمارسه إسرائيل اتجاه الفلسطينيين البدو في النقب، ووثق التقرير عملية منع الفلسطينيين من الاستئجار في 80% من أراضي إسرائيل نتيجة لعمليات الاستيلاء العنصرية على الأراضي، وكذلك مجموعة القوانيين التمييزية العنصرية بشان توزيع الأراضي.
ومن أبرز القضايا التي اتى عليها هذا التقرير المميز والمفصل هو قضة اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة وحرمانهم من حقهم في العودة لأراضيهم التي سلبت منهم منذ نكبة العام 1948 وصولا الى حرب العام 1967.
يخطئ من يعتقد ان المسؤولية تقع عاتق أمنستي في معاقبة إسرائيل وإيجاد اليات فعلية لذلك " مع العلم ان التقرير بحد ذاته يعتبر وسيله عقابية – خاصة انه صادر عن منظمة حقوقيه دولية معروفة بإمكاناتها وقدراتها وباعها الطويل في حقل حقوق الانسان" لكن المسؤولية تقع على عاتق الدول الأوروبية التي هي اول من صاغ واسس القوانين الخاصة بحقوق الانسان على المستوى الدولي وتحولت الى منظومات حقوقية دولية، إضافة الى الولايات المتحدة الامريكية التي تدعي انها رأس العالم الحر والديمقراطي في العالم.
لكن الواقع ليس بمثل هذه الشفافية والوردية انما تحكمه المصالح، لهذا نرى ان الاتحاد الأوروبي قد اعطى موقفا خجولا بعيد عن أي ميكانزمات للتطبيق والمحاسبة وكان موقفه يقول "الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه سيواصل مراقبة التطورات على الأرض عن كثب، مؤكدا ان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان من قبل الجهات الحكومية وغير الحكومية، والمساءلة عن الانتهاكات المرتكبة، يعتبر ركنا أساسيا لتحقيقي السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط" وهذه أسطوانة مشروخة وعبارات مكرره سمع بها الفلسطينيين كثيرا على مدى السبع عقود الماضية.
اما الموقف الأمريكي وهو غير مستغرب او مستهجن وهو معروف بمساندة دائمة ومستمره لدولة الاحتلال فقد ورد على لسان المتحدث باسم الخارجية الامريكية الذي قال "نرفض الراي القائل بأن أفعال إسرائيل تشكل فصلا عنصريا".
التقرير يضاف الى تقارير اخرى قامت بإدانة ممارسات دولة الاحتلال اتجاه الفلسطينيين مثال قرار محكمة لاهاي حول جدار الفصل العنصري وكذلك تقرير جولدستون حول الاعتداءات الاسرائيلية.
تقارير المنظمات الحقوقية الدولية لا تضع برنامج مواجهة ولكنها تزيد من حالة فضح اسرائيل على المستوى الدولي، وتقع هنا مسؤولية خاصة على السلطة الفلسطينية لاستخدام مثل هذه التقارير ذات الاهمية الكبيرة، خاصة امام محكمة الجنايات الدولية، فهل تفعل ام تتلكأ تحت الضغط السياسي الامريكي والاسرائيلي؟
اما ان يقول البعض ومقللا من شأن التقرير - شو يعني؟ او ان يقول ان التقرير سيوضع في الجوارير؟ ذلك بكل بساطة استهانه وتقليل من اهمية هذا التقرير الجريء والمفصل حول الانتهاكات الاسرائيلية خاصة في ظل مرحلة الضعف والهوان الفلسطيني والعربي والركض والمسارعة على اقامة علاقات مع دولة الاحتلال، والتعاطي معها وكأنها نظام ديمقراطي وحسن السيرة والسلوك.