السبت: 18/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

انعقاد المجلس المركزي... لماذا؟!

نشر بتاريخ: 05/02/2022 ( آخر تحديث: 05/02/2022 الساعة: 16:39 )

الكاتب: اللواء الدكتور محمد المصري

نحن على دراية كاملة بكل الحجج والادعاءات التي تقال ضد انعقاد المجلس المركزي، ونحن على دراية كاملة أيضاً بالظروف والتحديات التي تحدق بالساحة الفلسطينية فضلاً عما يجري في الاقليم العربي كله. فالمشهد المعقد هو نتاج هذا الضعف والتفكك الذي يصيب كامل المنطقة، إذ أن المطروح الآن هو تسوية هلامية وغير محددة الملامح، أو أن الملمح الوحيد فيها هو تجميل الاحتلال أو تقليصه أو ابعاده قليلاً عن المدن الكبرى في الضفة المحتلة، بمعنى أن المطروح حالياً هو ابقاء الاحتلال في الضفة وتسهيل الحصار في غزة، أي بكلمات أخرى، ابقاء الضحية ضحية، وابقاء الجلاد جلاداً. أما على المستوى الفلسطيني، فإن المطلوب هو مزيداً من الانتحار أو مزيداً من الانتظار، أو مزيداً من الاستيطان ومزيداً من التحلل والتفكك. فالمعركة الآن هي معركة على التمثيل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هي معركة على تعميق التحليل والتفكك الفلسطيني من خلال تكريس حالة الانقسام والتعامل معها وكأنها باقية إلى الأبد، وخلق أجسام موازية، وعناوين داخلية وخارجية، وسلب الشرعية مقوماتها وتآكل التمثيل السياسي من كل الجوانب، من خلال تبهيت المواقع والهيئات ومن خلال المراهنة على الخلافات والانشقاقات، وبصريح العبارة نقول أن المحتل الإسرائيلي -ومن خلال صحافته وحتى تصريحات مسئوليه- لا يخفون أهدافهم ولا حتى أدواتهم في التهييج وبث الفرقة والاصطياد في الآسنة واللعب في الساحات الفلسطينية جميعاً. ما يريده المحتل هو المراهنة على انفجار الأوضاع في الساحة الفلسطينية حتى تضيع الهيبة والتمثيل والوحدة، ومن ثم تتعدد العناوين وتكثر الانتماءات الصغيرة وينقسم المجتمع الفلسطيني الى جهويات وقبائل وجماعات متناحرة، المحتل يريدنا مجموعة من العصابات يلوح لها ببعض الجزر أو بعض العصا ليسهل عليه حكمنا والتحكم بنا.

ولهذا، كان القرار بعقد المجلس المركزي من أجل الوحدة وتثبيت المؤسسة وتطويرها وترميمها وعدم تركها للفراغ أو العبث أو الفوضى، ولهذا كان انعقاد المجلس من أجل بلورة موقف وطني واتفاق جماعي حول تحديات المرحلة وسبل مواجهتها بما يكفل الصمود والبقاء والاستمرار.

وبالتأكيد هناك من يعترض ويقول أن ذلك لا يفيد، ولكن أليس من المفيد أن نجتمع لنتحاور ونختلف تحت مظلة المؤسسة الجامعة م.ت.ف؟!

ان انعقاد المجلس المركزي الان له دلالات سياسية وامنية ايضاً، فهو مدعو الان للقول الفصل او التأكيد على ما قد قرر سابقاً، بمعنى ان هذا المجلس منوط به الرد على الموقف الاسرائيلي المعادي والرافض لاي تسوية او الذي يريد فرض تسوية اقتصادية امنية خالية من الالتزامات السياسية التي تؤدي الى دولة فلسطين ذات سيادة، المجلس المركزي بهذا المعنى- وهو برلمان مصغر يستطيع بل مدعو الى اتخاذ قرارات حاسمة وواضحة- يجتمع ليقول ان الشعب الفلسطيني لن يرضى ولن يقبل ان يظل هكذا يعطي الفرصة تلو الفرصة وينتظر حلاً لن يأتي اذا ترك الامر على حاله، المجلس المركزي يجتمع اليوم للرد على المماطلة والتلكؤ الامريكي، وعلى الصمت الاوروبي وعلى التجاهل العربي في معظمه، انعقاد المجلس في هذه الظروف يأتي لإشعال مليون مصباح احمر امام الاقليم كله بأن تجاوز الفلسطينيين وآلامهم واحلامهم لا يمكن ان يستمر، حتى ولو كان الظرف لا يسمح باتخاذ قرارات صعبة او حادة، وكان يمكن تأجيل عقد المجلس لظروف افضل، ولكن ليس هناك ترف للانتظار. وخصوصاً ان هذا المجلس سيأخذ اعتراضات الشركاء الاخرين بالحسبان، فما يفكر به المعارضون لا يغيب عن بال اعضاء المجلس المركزي، فهناك كثير من التقاطعات المشتركة، كالتأكيد على وحدانية تمثيل المنظمة وترميمها وتعظيم شرعيتها وحضورها من خلال فك الشواغر واقرار بعض الامور الضرورية ذات الدلالة كفصل الصندوق القومي مثلاً، وكذلك التأكيد على المقاومة الشعبية ذات القدرة على استيعاب النشاط والفعالية التي تمتع بها الشعب الفلسطيني، وكذلك اعادة النظر في العلاقة مع المحتل على كل مستويات هذه العلاقة. المجلس المركزي لن يترك ذلك ولن يتجاهله وبذلك فإن ما يعترض به المعارضون سيكون حاضراً بالتأكيد، لان المجلس لن يكون مجرد اجتماع يحتفظ بالشكل دون المضمون.

اجتماع المجلس المركزي ضروري لتأكيد التمثيل والشرعية، وللرد على الرخاوة والمماطلة وللرد على سياسة إسرائيلية استعمارية بلغت الذروة في الاستهانة والعدوان وترسيخ الاحتلال، ولهذا، فإن من حق المعارضين ان يعتصموا وان يتظاهروا ايضاً، كما قال وزير الداخلية زياد هب الريح في لقائه مع ممثلي المجتمع المدني او بعضهم قبل عدة ايام، من حق المعارضة ان تتظاهر سلمياً وحضارياً ومن حقهم ان ينبهوا كل ذي علاقة الى واجباتهم، وهذا هو دور المعارضة، ولكن ضمن ما يكفله القانون من حرية التعبير وليس بما يؤشر على سير الحياة العامة ووحدة الشعب.

نعتقد حقاً ان انعقاد المجلس المركزي بالمهمات والادوار التي ذكرناها تشكل رافعة ودافعاً ايضاً لمزيد من التماسك واعادة النظر والاستعداد من جديد، للمرحلة القادمة، والتي نعلم مدى صعوبتها، ومن هنا نريد التحوط والمحافظة على البيت بعيداً عن التشكيك او التأكد لان اضعاف م. ت. ف، هذا مطلباً لدولة الاحتلال، الاجتماع والتمسك هو ابلغ رد على ذلك.