الكاتب: رامي مهداوي
سأدخل في الموضوع مباشرة دون مقدمات، أصبح من الواضح أمام الجميع أن المجتمع الفلسطيني يعاني من تصدعات مجتمعية في كل مكوناته؛ فرضتها بطبيعة الحال تركيبته "الجيوسياسية" المتمثلة بالتقسيم الذي نفذه الإحتلال الإسرائيلي والخاضع لثلاث سلطات على أرض الواقع: السلطة الوطنية الفلسطينية، سلطة حماس، حكومة إسرائيل الإحتلالية التي تتحكم في الجميع.
هناك شعور على نطاق واسع بين المواطنين عن تدهور الحراك السياسي على الصعيد الداخلي والخارجي وإنعكاسات ذلك على مواجهة الإحتلال، وتدهور اقتصادي ملموس لدى الجميع ما خلق تزايد الإحساس بالظلم والإجحاف، والافتقار إلى العدالة الاجتماعية، وكذلك تدهور ثقافي في جميع جوانب الحياة عكس ذلك على طبيعة تعاملنا مع بعضنا البعض كأفراد من جهة ومع أي قضية عامة من جهة أخرى وقضية جامعة بيرزيت أقرب نموذجاً.
أدعي أن أخطر تصدع هو التصدع الإجتماعي؛ الذي ينشب حين يضرب الإقتصاد من جراء أزمات متتالية_على سبيل المثال جائحة كورونا_ ما عكس ذلك في انعدام قيم أخلاقية واهتزاز ميزان العدالة الاجتماعية نتيجة العديد من التقلبات والمستجدات المعقدة سياسياً واجتماعياً وثقافياً.
للأسف التصدعات في المجتمع الفلسطيني تزداد بشكل متسارع، جميعنا يشعر بسرعة التصدعات حين تطغى المظاهر السلبية على الإيجابية، الكذب.. السرقة... الخيانة.. التملُق...الرشوة شكلاً من السلوكيات اليومية. للأسف العنف آخذ في النمو ويزداد تعقيدا يوم بيوم، والقصص التي تطفو على السطح هي التي نشاهدها وهناك العديد منها مازلنا نجهلها لأسباب كثرة ضمن عقيدة الخوف والحرام والعيب والعادات والتقاليد.
علينا أن لا نكذب على أنفسنا ونواجه الحقيقة؛ شئنا أم أبينا ما يحدث في مجتمعنا هو إنذار بتصدع النسيج الفلسطيني، حتى نواجه تلك التصدعات نحن بحاجة الى المزيج الصحيح من السياسات الجيدة،والحوكمةوالإدارة الرشيدة، والمؤسسات والهيئات السليمة، وإذا كان المجتمع ما يزال يموج بتحولات، ويغالب الضغوط الاقتصادية خاصة، فعلينا أن نبحث عن مصدات التصدعات من خلال القوانين التي خلص إليها ابن خلدون في " المقدمة" عن تفكك الدول وتصدع المجتمعات، وانهيا الأمم والحضارات؛ وكلها قوانين مربوطة بالقيم، والفلسفة السياسية التي تطبق وتتعامل مع المجتمع.
إن النتائج الجغرافية والإقتصادية والسياسية لا تبعث على الأمل بتغير النتائج، فالتعصب سيد الموقف كلٌ حسب التصدع الذي ينتمي له. إذا لم يجر رأب الصدع، فإن نسيج الحياة المشتركة فى فلسطين يمكن أن يتضرر بشكل لا رجعة عنه. ومن أجل منع ذلك يتعين على "النخبة" في كل القطاعات التوقف عن تعزيز التصدعات والنزاعات بين المجتمع، من أجل مكاسب خاصة. ويتعين علينا جميعا أن نبذل كل ما فى وسعنا من أجل التوصل إلى قاسم مشترك أوسع فالوطن صغير ولا يحتمل انشقاقات وتصدعات.