السبت: 11/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

حل الدولة والدولتين

نشر بتاريخ: 19/02/2022 ( آخر تحديث: 19/02/2022 الساعة: 16:12 )

الكاتب: هبة بيضون

يذكر البعض حل الدولة الواحدة كبديل لحل الدولتين الذي عملت إسرائيل ولا زالت تعمل على تقويضه. إن مفهوم هذا المصطلح بشكل عام هو إنشاء دولة ديمقراطية واحدة فيفلسطينتشمل إسرائيلوالضفة الغربيةوقطاع غزة، بحيث يكون السكان العرب والإسرائيليين من جميع الديانات والطوائف والأعراق مواطنين ولهم حقوق متساوية بما في ذلك حق التصويت في جميع الانتخابات وبحيث تكون السلطة بيد من يفوز بغض النظر عن ماهيته الدينية والإثنية والعرقية ، وعليهم كذلك واجبات ، ولكن الواقع أن مفهوم الدولة الواحدة بالنسبة للفلسطينيين يختلف عنه بالنسبة لإسرائيل في حال طرحه.

فتح كانت أول من طرح هذا المفهوم (حل الدولة الواحدة) ، حيث طرحها ممثل فتح في المؤتمر الأفريقي الآسيوي الذي عقد في القاهره عام ١٩٦٩، دولة موحدة تقدمية لا عرقية لا طائفية ديمقراطية علمانيه ، صوت واحد لرجل واحد كنموذج جنوب أفريقيا، بحيث لن تكون ثنائية القومية ولا متعددة الأديان، ولن تقوم هذه الدولة إلا بعد التحرير وتدمير الدولة الصهيونية، فهي نتيجة للتحرير ولا تعتمد على أي تسوية مع الإسرائيليين، هي فرض أمر واقع على الأرض وليست مفاوضات، ولقيام هذه الدولة لا بد من تفكيك المؤسسات والبنى الاقتصادية والسياسية والعسكرية، على أن تسلم المؤسسات والموارد الاقتصادية الى الدولة الجديدة وبالتالي خلق وقائع جديدة على الأرض ودمج الاقتصاد الفلسطيني ضمن الاقتصاد العربي. إن تطبيق هذه الفكرة يتطلب مشاركة المستوطنين اليهود مشاركة ديمقراطية كاملة في تقرير شكل حكومة دولة فلسطين الديمقراطية.

رفضت إسرائيل هذا الطرح كما رفضه العديد من الفصائل الفلسطينية تحت ذرائع عديدة، وبالتالي لم يتم التعمق والبحث في تفاصيله، إلا أن الشهيد صلاح خلف ( أبو إياد) تحدث عن بعض التفاصيل كعودة من يرغب من اللاجئين للعيش في الدولة الفلسطينية. كما أن هذه الرؤية الجديدة المنبثقة بعد معركة الكرامة كانت في ذلك الوقت ضمن واقع يختلف عن اليوم، ولكنها لم تعد قابلة حتى لإعادة الإحياء ضمن المعطيات الحالية، ولا تتناسب مع ما جاء في قرارات الشرعية الدولية.

هناك رؤية أخرى للدولة الواحدة وهي الدولة الديمقراطية الواحدة وفق المفهوم الإسرائيلي – إن طرحت - والذي قوضته إسرائيل أيضاً بسن قانون القومية ويهودية الدولة كخطوة استباقية، وهو دولة واحدة عنصرية لليهود، يعيش فيها فلسطينيو الضفة الغربية وغزة والداخل في الخط الاخضر فقط، دون وجود حل لمشكلة اللاجئين الذين – حسب الرؤية الصهيونية - سيوطنون في البلاد التي يعيشون فيها، وسيتم استيعاب البعض منهم في دول كأستراليا وكندا، والحديث بصورة خاصة عن اللاجئين في لبنان، ومن ضمن الإجراءات الاستباقية التي تتخذها إسرائيل التهجير العرقي وترحيل الفلسطينيين والتضييق عليهم من أجل الهجرة كما حصل مع مسيحيي فلسطين ، بحيث يعطى من بقي منهم - في حال حل الدولة الواحدة - إقامة وليس مواطنة كما هو حاصل في القدس، أي أن يعيش الفلسطينيون كجالية ضمن الجاليات الأخرى وليس كمواطنين في الدولة، ما يعني أن هذا الحل قد يتم طرحه كخيار، ولكن بمفهوم دولة الأبارتهايد هذا الخيار غيرمقبول لدى الفلسطينيين، حيث أن حق العودة أيضاَ هو أحد الثوابت التي لا يمكن التنازل عنها، إلا إذا عادت إسرائيل إلى مضمون الدولة العلمانية الديمقراطية لجميع مواطنيها، بحيث تتحقق المساواة للجميع بعيداً عن أي تمييز عرقي أو بسبب الدين، وأن تكون دولة لشعبين مع التأكيد على حق العودة ورفض كل أنواع الأبارتهايد فيها.

عودة إلى الخيار المثالي لحل الدولة الواحدة، وهو المفهوم العلمي أو النظري الذي يعرفه الجميع، وهو ما ذكرته في الفقرة الأولى، فلو أقر هذا القرار بقرار من مجلس الأمن، على أن يكون هناك استفتاء حر ورقابة دولية، صوت واحد لرجل واحد ، فإن إسرائيل سترفضه، لأن لديها حل عنصري توسعي، نظام بندوستانات مؤقت تبتلعه في المستقبل، ولأنها تدرك تماماً أن الفلسطينيين سيتفوقون من الناحية الديمغرافية بحيث يشكلون الأغلبية على الأرض، وبالتالي فإن أي انتخابات أو استفتاء سيكون لصالحهم، وسوف يتولون السلطة في الدولة المزعومة، كما أن عنصرية إسرائيل لن تسمح بوجود الدولة ثنائية القومية، حيث أنها تريد دولة يهودية نقية العرق، وفق قرار الكنيست حول إقرار قانون "الدولة القومية" اليهودية والذي يتضمن حق تقرير المصير لليهود.

من هنا نجد أن الخيار الأمثل هو الخيار المتاح والممكن الذي أجمع عليه العالم وهو حل الدولتين، الذي قوضته إسرائيل بإجراءاتها على الأرض ليصبح شبه مستحيل ، حيث عززه المجتمع الدولي بإصدار الأمم المتحدة القرار رقم 67‏/19بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012‏ والمتضمن إقرارمنح فلسطين مركز دولة غير عضو لها صفة المراقب في الأمم المتحدة على حدود 1967 بما فيها القدس، واعترفت ١٣٨ دولة بدولة فلسطين، وعلينا جميعاً البعد عن أي حل وهمي غير قابل للتطبيق قد يتم طرحه من أجل إضاعة الوقت، والتركيز إعلامياً ودبلوماسياً وسياسياً على إبقاء حل الدولتين قائماً، والضغط على إسرائيل لقبول هذا الحل والتوقف عن تقويضه على الأرض وإعادة الأمور إلى نصابها لعدم إضاعة الفرصة كما ضاعت في قبول خيار الدولة الديمقراطية ومبادرة السلام العربية التي رفضتها وتم اعتمادها إسلامياً، وتنفيذ القرار 181 .