الإثنين: 18/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

التناصح والتواصي بالخير من مظاهر الرقي الاجتماعي

نشر بتاريخ: 01/03/2022 ( آخر تحديث: 01/03/2022 الساعة: 19:18 )

الكاتب:

د . سهيل الأحمد

فقد قيل: لا خير في قوم ليسوا بناصحين ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين، لأن مقام النصح لا ينبغي لأحد تجاهله حيث يذكر الإنسان بتجاوز الغفلة التي إن بقيت ضاعت الأمانة وضعف العدل واستمرأ المرء الخلل فاعتقد بصحة الزلل، والتواصي بالخير يحصل بين الناس فيقال: ما سلطان الدنيا نريد، ولا لدنيا نعمل، فكلنا في الله أخوة متحابون، وفي التواصل بالخير قائمون، ومن ذلك أن يقال: إذا ظهرت الغيبة ارتفعت الأخوة في الله تعالى، إنما مثلكم في ذلك الزمان مثل شيء مطلي بالذهب والفضة داخله خشب وخارجه حسن، فلنحرص على أن نكون بالتناصح كالمعادن النفيسة تبرق كالشعاع وضوحًا ولمعانًا، ثم وتخبرك أن أرسل لغيرك نصيحة تقول: اتق الله بطاعته، وأطع الله بتقواه، ولتخف يداك من دماء الناس والمسلمين، وبطنك من أموالهم، ولسانك من أعراضهم، وحاسب نفسك في كل خطوة، وراقب الله في كل نفس ومقصد، وفي جميع علاقاتك ومسارك وانفعالاتك، ولتتعلم أن تذكر الله تعالى عند همك إذا هممت، وعند حكمك إذا حكمت، وعند يدك إذا قسمت، وهذا من إعمال النصح بالقول: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتزينوا، أي: - بالعمل الصالح والتقرب إلى الله - للعرض الأكبر يوم لا تخفى منكم خافية، وخف الله في دينك، وارجه في جميع أمورك، واصبر على ما أصابك "، وذلك لأن: ثلاث لا ينتصفون من ثلاثة: شريف من دنيء وبرّ من فاجر، وحليم من أحمق"، وعندها "لا تخف إلا ذنبك ولا ترج إلا ربك ولا يستح الذي لا يعلم أن يسأل حتى يعلم، ولا يستح من سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم" ، ولتعلم في هذا المقام كما قيل: أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس ذهب الجسد، وإذا سمعت كلمة تغضبك في عرضك فاعف واصفح فإن ذلك من عزم الأمور، حيث قيل هنا: من خاف الله لم يشف غيظه، أي: من خاف الله يسامح من أجله وينتصر على نفسه فيعفو عند المقدرة، ومن اتقاه لم يصنع ما يريد، أي: من الأفعال التي يحاسب الله الناس عليها، ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون"، ويقال لك في هذا المقام: ارض بما قسم الله لك تكن من أغنى الناس واجتنب ما حرم الله عليك تكن من أورع الناس وأدّ ما افترض الله عليك تكن من أعبد الناس". "يا ابن آدم لا تفرح بالغني ولا تقنط بالفقير ولا تحزن بالبلاء ولا تفرح بالرخاء فإن الذهب يجرب بالنار، وإن العبد الصالح يجرب بالبلاء، وإنك لا تنال ما تريد إلا بترك ما تشتهي، ولن تبلغ ما تؤمل إلا بالصبر على ما تكره، وابذل جهدك لرعاية ما افترض عليك وارض بما أرادك الله به. وأخيرًا ولتعمل كأنك ترى، وعد نفسك في الموتى، واعلم أن الشر لا ينسى والخير لا يفنى، واعلم أن قليلاً يغنيك خير من كثير يلهيك، وإياك ودعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.