الكاتب: أحمد فائق أبو سالم
لا تعترف بريطانيا بمقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي.
وعلى الرغم من الخطيئة التي ارتكبتها بحقه، في وعد بلفور المشؤوم، ورعاية المشروع الصهيوني، فإن هذه المقاومة في منظورها الاستعماري المنحاز مرادف للإرهاب.
لكن إذا تعلق الأمر بأوكرانيا، تصبح المقاومة حقا تتغنى به، وتسوق له، ويغدو الدفاع عن الوطن مأثرة إنسانية وأخلاقية.
لا أحد ينكر حق الشعوب في الدفاع عن نفسها، وبذل الدماء والأرواح في سبيل حريتها وكرامتها، في المقابل يرتكب جريمة كل من يصادر حق شعب يناضل منذ قرن ويزيد لرفع الظلم عن كاهله، أو طموحه في تحرير أرضه من قبضة الغاصبين.
يبدو أن وزيرة الخارجة البريطانية ليز تراس وهي تتفوه بكلمة المقاومة التي يخوضها الأوكرانيون ضد القوات الروسية، تناست أنها كانت من المحرمات؛ لأن مجرد ذكرها يوحي بإسرائيل، ويؤشر على صنيعة الامبراطورية الغاربة.
فهل المقاومة تتجزأ ؟
من العار أن تصل الازدواجية إلى هذا الحد من الانحدار القيمي، وأن تعصف العنصرية بأدعياء الديمقراطية بانفضاح سافر، لولا منطق القوة والتعالي على الآخرين الذي يجيز التعامل بمكيالين.
في عالم تسوده المصالح، ويطغى عليه النفاق، القوة هي الحكم، ولا مكان للضعفاء، وقوة الشعب الفلسطيني في إرادته وإيمانه بحقوقه وتمسكه بمقاومته، ووحدته التي على قياداته أن تعيد لها اعتبارها وتستثمرها في مجابهته للتحديات التي تلتف حول عنقه وتتربص بمستقبله.
ولا نحتاج لدرس أوكرانيا أو غيرها حتى نفهم العالم أن مقاومتنا جزء من تاريخنا وذاكرتنا الجمعية وشخصيتنا الفلسطينية وهويتنا الوطنية والإنسانية.
أما بريطانيا التي تدعي المثالية في مناصرة الشعب الأوكراني، فلن تمحو إنسانيتها الزائفة تاريخها الأسود الذي ملأت صفحاته بالمؤامرات والدسائس لاقتلاع الفلسطينين من أرضهم وتشريدهم.
ولكي يصدقها العالم فلتعتذر للشعب الفلسطيني عن جريمة بلفور، وتكف عن دعم إسرائيل، وتعلن موقفا موضوعيا من مقاومة الشعب الفلسطيني كما تفعل اليوم في أوكرانيا.