الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

جريمة نشر الفاحشة بين الناس بدافع الفن من المنظور الشرعي

نشر بتاريخ: 10/03/2022 ( آخر تحديث: 10/03/2022 الساعة: 23:24 )

الكاتب:

د. سهيل الاحمد

إن العفة قيمة إنسانية وإسلامية سامية يحرص عليها الشرفاء ويعمد إلى تبنيها الكرماء، وهذا لاعتبار أن الأخلاق الحسنة من لوازم صلاح المجتمعات وبالتالي نجاحها، حيث حذرنا الله سبحانه وتعالى من إشاعة الفاحشة بين الناس، بل وأنذر كل إنسان يحب أن تشيع الفاحشة في المجتمع بأن له عذاباً أليماً في الدنيا والآخرة، فقد قال سبحانه وتعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ "النور:19"، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعرف قوماً يضربون صدورهم ضرباً يسمعه أهل النار، وهم الهمازون اللمازون الذين يلتمسون عورات المسلمين ويهتكون ستورهم ويشيعون فيهم من الفواحش ما ليس فيهم"، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل أمتي معافى إِلا المجاهرون، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يُصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان، عَمِلْتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، فَيُصْبِح يَكْشِف سِتْر الله عنه".

إن فلسطين والاهتمام بقضيتها أو الوقوف على آلام شعبها العظيم لا يعني أن يعمد إلى إساءة إبراز ذلك من خلال أعمال فنية أو أفلام لا ترتقي إلى تضحياته ونضالاته المباركة، بل على العكس من ذلك فإن بعض هذه الأعمال تسيء وتهين بل وتعمل على تشويه تاريخه وطمس المواقف المشرفة التي أظهرها واقع هذا الشعب العظيم وواقعه الطويل على تعدد فئاته واختلافات أفكاره ومذاهبه.

ومن هنا؛ فلا يحق لمن ينتمي إلى هذا الأمة بشكل عام وفلسطين بشكل خاص أن يقوم بنشر الفاحشة بين الناس بدافع الفن وغيره، لأن هذا يعني أن يصاب المجتمع بالفساد والخراب وفق المفهوم الشرعي وهذا كما ورد في الحديث الشريف: "لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم"

وقد قيل في هذا المقام: إن الله توعد بالعذاب على مجرد محبة أن تشيع الفاحشة بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، وهذه المحبة لا يقترن بها قول ولا فعل، فكيف إذا اقترن بها قول أو فعل، بل إن الواجب على الإنسان أن يبغض ما أبغضه الله من فعل الفاحشة والقذف بها وإشاعتها في الذين آمنوا، لأن هذا من تمام الانتماء إلى هذا الشعب وهذه الأمة التي لا زالت تلاقي الويلات والصعاب في سبيل نصرة قضيتها العادلة التي قد تؤثر في تقرير ذلك مثل هذه الأعمال والأفلام التي لا ترتقي إلى منظور الفن المقبول أو المطلوب وجوده ومتابعته أو مدح القائمين عليه في الواقع المعاش.