الخميس: 07/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بطولة العالم بالكذب انهم يحصدون اللقب

نشر بتاريخ: 13/03/2022 ( آخر تحديث: 13/03/2022 الساعة: 10:49 )

الكاتب: كمال خلف

لم يشهد العالم موديال من الاساطير والاكاذيب والدعاية المضللة كتلك التي يشهدها العالم على هامش الحرب في أوكرانيا. صحيح اننا جربنا ذلك في أزمات وحروب في منطقتنا، ولكن كانت تلك الأكاذيب سهلة التمرير، والنشر ويصعب مكافحتها او الوقوف في وجهها، نظرا لسطوة السردية الغربية، وميل الراي العام العربي الى تصديق كل ما يصدر من الغرب وفق قناعة راسخة بتفوقه في قضايا مثل الشفافية وحرية الراي وتدفق المعلومات وحق الوصول الى الحقيقة. ووفق المثل العربي الشهير “كل فرنجي برنجي”.

وامام كذبة ان العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل وقفنا نتابع احتلال العراق وتدميره وقتل شعبه وتقسيمه الى طوائف ومذاهب وباقي فصول الماساة معروفة. وامام كذبة السلام مع إسرائيل، وقفنا شهودا على تغول إسرائيل في دماء شعبنا، وتوسع الاستيطان، وتهويد القدس، وضم الجولان. وامام كذبة حماية المدنيين في ليبيا من بطش النظام، شاهدنا غزو ليبيا وتدميرها وتحوليها الى دولة فاشلة، وامام كذبة النظام السوري يقتل شعبه، عشنا فصول تدمير سورية واضعافها وحصارها وتفريخ الإرهاب على ارضها واحتلال اجراء منها ومحاولة تقسيمها.

في أوكرانيا الصراع هناك بين قوى عظمى، والاساطير المصاحبة لسياسات الدول الغربية تأخذ طابعا دوليا على مسرح واسع امام العالم ، وليس امام دول عربية خائفة او تابعة ،وراي عام مبتلى بالدراويش وأصحاب عقدة الدونية امام الرجل الأبيض.

في الساعات الماضية شهدنا استمرارا لحرب السرديات، والدعاية والادعاءات والاكاذيب وما اكثفها. امس يستنكر الرئيس الاوكراني “فولديمير زيلنسكي” اعلان موسكو استقبال متطوعين أجانب للقتال في صفها ، ويعتبر ذلك استعانة بالمرتزقة. وهو ذاته من الأيام الأولى للحرب اعلن عن تشكيل فيلق دولي وسخر كل سفارات أوكرانيا في العالم لجمع المرتزقة للقتال نيابة عن جنود الناتو في بلاده . ويبدو ان قصة المتطوعين الأجانب في أوكرانيا برمتها لعبة ضغوط. استخدمها الناتو عبر دميته زيلنسكي لتخويف روسيا من سيناريو أفغانستان والاستنزاف طويل الأمد ، وروجت لها عبر الدعاية ، هو سيناريو صعب التحقيق في أوكرانيا، ولو كان جديا لراينا المقاتلين الأجانب قبل ان نسمع عنهم.

قبل عشر أعوام فتحت كل حدود ومطارات العالم للمقاتلين الأجانب للقتال في سورية ، بينما كان الغرب يردد يوميا ان الشعب السوري الأعزل يواجه دبابات النظام .

لعبة المقاتلين العابرين للحدود استخدمتها الولايات المتحدة في بلادنا وفي بلاد بعيدة ، لكن في قلب أوروبا فالحسابات مختلفة، بالمقابل فان اعلان روسيا دعوتها مقاتلين أجانب للقتال في صفها في أوكرانيا، ليست سوى تهديد مقابل تهديد. لا يحتاج الجيش الروسي لمقاتلين في مواجهة دولة مثل أوكرانيا ، واضح فيها التفوق العسكري والميداني الروسي. انما ارادت روسيا التلويح بحضور مقاتلين معادين للغرب في اوروبا، وما لذلك من مخاطر على الامن الأوربي. كلا الطرفين يعرف خطورة جلب المقاتلين الأجانب من مناطق مختلفة ولاهداف متناقضة.

في الساعات الماضية برزت كذلك قضية المختبرات البيولوجية التي تمولها وتشرف عليها الولايات المتحدة في أوكرانيا حسبما أعلنت روسيا . جهد مندوب روسيا في مجلس الامن وهو يشرح للعالم ان كييف وافقت على استخدام أراضيها منصة لتطوير أسلحة بيولوجية رغم التهديد الذي تمثله ، مبديا استعداده لابراز وثائق تثبت وجود 30 مختبرا بيولوجيا تنتج مواد خطرة باشراف وزارة الدفاع الامريكية لترد مندوبة الولايات المتحدة بالقول لاتوجد في أوكرانيا مختبرات بيولوجية تدعمها أمريكا. واكثر من هذا قابلت الولايات المتحدة الاتهام الروسي باتهام مضاد مفاده ان الجيش الروسي سيشرع باستخدام أسلحة كيماوية في المعارك. اين الحقيقة؟ هل سنعرف الحقيقة الكاملة؟ لن نعرفها قطعا. لان السياسات اكبر من الحقائق، والقوة من تصنع الحقيقة. وما يسمى العدالة الدولية ليس سوى كذبة مسلطة على رقاب الدول والشعوب والقوى التي تعارض هيمنة القوة.

لطالما نظر علينا الغرب واتهمنا بالتخلف ومارس ضدنا كل الضغوط بتهمة اننا نقحم السياسية بالرياضة عندما اختار بعض الرياضيين العرب والمسلمين الانسحاب امام منافسيهم الإسرائيليين بسبب سياسات إسرائيل التي تحتل ارض عربية وترتكب جرائم حرب ومجازر، لكنه الان يعتبر ذلك في وجه الرياضيين الروس عملا أخلاقيا ومشرفا. ونظروا علينا واتهمونا بالتخلف والتشدد عندما قاطع فنانون عرب مهرجانات او اعمال فنية يشارك فيها اسرائيليون، وقالوا لنا ان الفن عمل انساني والموسيقى ثقافة جامعة خارج مربع السياسات وتناحر الدول، اذ بهم يفعلون ذلك في وجه الفن والموسيقى والاعمال الفنية والثقافية الروسية. وهذا ينطبق على حرية التعبير، وحق وسائل الاعلام والصحفيين في التغطية الإعلامية ومخاطبة الراي العام.

واما سياسية العقوبات الاقتصادية والتي نشهد اليوم هستيريا لا مثيل لها ضد روسيا ، وقد جربتها بلداننا العربية والإسلامية “العراق وليبيا سابقا، سورية وايران ولبنان في الوقت الحاضر، فهي سياسية إجرامية لا أخلاقية ودنيئة. ليس لانها انتقائية فحسب، بل لانهم يعرفون حق المعرفة وبالتجربة ان تلك العقوبات تصيب الشعوب بشكل مباشر لا الأنظمة. وانها تتسبب في الجوع والفقر والمرض والعوز وفقدان الامل والهجرة. انهم ثلة من المجرمين الدوليين، وبيدهم مفاتيح العدالة الدولية، انهم” قرطة” من النصابين الافاكين، لكن بيدهم مشروعية القوة. انهم لصوص وقطاع طرق يحكمون العالم . انهم ابطال العالم بالكذب لكنا نصدقهم.