الكاتب:
الكاتب : رولا سلامه
في عيدك نبرق لك كل التحايا، ونعاهدك أن نحتفل بعيدك كل يوم وكل ساعة، نحتفل بانجازاتك وصمودك وعطاؤك وتضحياتك وشموخك، فأنت أصل البداية واصل الحكاية، أنت الام والزوجة والطفلة المدللة، وأنت المناضلة والمثابرة والصامدة، وأنت ام الشهيد والاسير والجريح،وأنت المعلمة والمهندسة والطبيبة والمثقفة، وأنت من ربى الاجيال ومنحهم الحياة مع الشموخ والكرامة والبطولة والثبات ، أنت الوطن وأنت القضية وأنت الحقيقة وأنت الامل .
أنت أمي وأختي وسيدة الارض، وأنت من تعلمنا بين يديك كيف يكون الصمود والصبر والتحدي ، وأنت ملهمتي وقدوتي وقدوتنا جميعا ، فألف تحية لك في عيدك الذي لا ينتهي، وشهرك شهر اذار الخير والربيع والعطاء والارض ، فتحيتنا لكل نساء الارض .
امرأة ليست كباقي النساء، تراها في كل مكان، وتسمع صوتها في كل المناسبات، تعشق الارض والزرع والشجر، تتنقل بين أرضها وغرسها وزرعها، وبين مكتبها في البلدية، لتتابع شؤون الناس ومصالحهم، عندما تذكر النساء تذكر بصماتها ونشاطها وتضحياتها، وعندما تذكر المقاومة الشعبية، نراها تتربع على رأس قائمة النساء اللواتي يشاركن بالتظاهرات، والمسيرات، ويشاركن بالدفاع عن الأرض وحمايتها، ليس فقط في المعصرة، بل في كل مكان، من كفر قدوم الى بلعين وغيرها من القرى المقاومة، وعندما نذكر قرية المعصرة جنوب غرب مدينة بيت لحم، نذكر ونتذكر ام حسن بريجية( فاطمه ابريجية) فهي علم من أعلام القرية، وعلم من أعلام المقاومة الشعبية، وسيدة بألف رجل أو يزيد .
فاطمة بريجية – ام حسن – قابلتها منذ سنوات عديدة، وتجولنا سويا في قريتها المعصرة، وشرحت لنا عن القرية وعن المستوطنات المحيطة، وعن أطماع الاحتلال في السيطرة على القرية وعلى القرى المحيطة، فأرضها خصبة، ومياهها وفيرة، وقربها من مجمع مستوطنات غوش عتصيون جعلها مطمع للاحتلال ومستوطنيه.
ام حسن ناشطة اجتماعية منذ ما يزيد عن ثلاثين عاما، وأول من أسس المركز النسوي في قريتها، وهي الحاصلة على جائزة أفضل ريادية فلسطينية من قبل الاتحاد الاوروبي، لمشاركتها الفاعلة في خدمة المجتمع وتعزيز دور الطفولة، وهي المتربعة في قلوب أهل بلدتها والقرى المجاورة، لنشاطها وتضحياتها ودعمها لكل فئات المجتمع .
دعواتها المستمرة لكافة فئات الشعب الفلسطيني بالعودة الى الارض، زراعتها وفلاحتها والاهتمام بها، فهي دائمة الحديث عن الارض والزراعة، وتقول " كل فلسطيني عليه أن يعمل على زراعة أرضه واعادة استصلاحها، فهذا واجب أخلاقي ووطني وديني " .
تم انتخابها لتكون أول سيدة تترأس المجلس القروي في المعصرة، ولم لا ، وهي من اتفق الجميع على ترشيحها، فهي خير من يمثلهم، ويحافظ على وحدتهم، يحمي أرضهم وزرعهم، وهي التي دخلت كل بيوت القرية دون استثناء، فكانت الداعمة للمرأة، والسند للمزارعين، وهي من يحافظ على التعليم للطلبة، وهي من تقول دوما" 90% من النساء الموجودات في المجالس فقط عدد، ولكني أنا قررت كسر هذه القاعدة، ولا أريد أن أكون رقما فقط، أنا سيدة صاحبة قرار " .
أم حسن في السبعين من عمرها تقريبا، وهي لم تترأس المجلس القروي في المعصرة فقط، بل نشاطها وتفانيها لخدمة أبناء بلدتها رشحها لتتولى منصب رئيسة مجلس الخدمات المشترك لتسع قرى مجاورة لقريتها، لتكون بذلك أول امرأة فلسطينية تتسلم هذا المنصب في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية.
وتقول ام حسن" أقوم بواجبي تجاه أبناء قريتي والقرى المجاورة منذ ما يزيد عن 30 عاما، وهذا المنصب أكسبني شرفا وفخرا لأقدم المزيد، وأساعدهم في شؤون حياتهم اليومية" .
ومن تجربة وتاريخ ام حسن ابريجية، لسيدة اخرى تميزت بعد أن عملت بجد واجتهاد في قريتها، وكيف لا وهي المهندسة المبدعة التي جمعت ما بين الهندسة وادارة الاعمال في تخصصها، وكرست حياتها لخدمة قريتها، فكانت المهندسة أريج سلامه عاصي، ابنة قرية بيت لقيا في محافظة رام الله والبيرة، المثال الحي لنشاط المرأة وتميزها وابداعها، فهي التي عملت في العام 2018 كمديرة تنفيذية لمجلس الخدمات المشترك في تجمع بيت لقيا، وبعد أن انحلت البلدية، وبسبب علاقاتها القوية مع الناس وقربها منهم، طلب منها بعض أبناء القرية أن تترأس قائمة من البلدة لتسيير أعمال البلدية، وكان لهم ما أرادوا، واستمروا لمدة عام تقريبا، وبعدها مباشرة فازت للمرأة الثانية ومن ثم الثالثة بقائمة وفاق وطني .
تقول المهندسة أريج" بداية رئاستي للبلدية ليست سهلة، فرئاسة بلدية كبيرة مثل بيت لقيا وهي أكبر بلدة في محافظة رام الله والبيرة، وسكانها حوالي 12000 نسمة وفيها كل التناقضات والصعوبات،وأيضا كان هناك استهجان من الرجال والنساء على حد سواء، بقدرتي على ادارة البلدة والبلدية ".
وتضيف رئيسة البلدية "عملت منذ البداية بتنفيذ مشاريع وتلبية احتياجات البلدة الحساسة والتي كان ينتظرها الناس منذ زمن طويل، وبذلك كسرت الحواجز بيني وبين الناس، وسرعان ما تلاشى الاستهجان وتقبلوا وجودي بينهم ".
وعن الصعوبات والتحديات التي رافقتها بمسيرتها بترأس البلدية، تقول المهندسة الشابة " التحدي الكبير كان بتوسيع شوارع رئيسية بالبلدة، حيث أن الشوارع ضيقة، وأيضا عمل مشاريع نوعية بالبلدة مثل مركز تأهيل لذوي الاعاقة، وتوسيع المخطط الهيكلي وغيره من المشاريع الهامة، والحمدالله تم هذا بتوفيق من الله وثقتي بنفسي، والعمل الجماعي مع الطاقم والمجلس البلدي وتعاون المواطنين".
قد تكون خلاصة قصص النجاح التي شاركناكم بها ملهمة، فيها الكثير من التحدي والصعوبات، ولكن ما جمعته بطلاتنا هنا هو الاصرار على النجاح، وتغيير الصورة النمطية للمرأة، والايمان بالقدرات والطاقات الموجودة داخلنا، وأيضا وقبل كل شيء الدافع والايمان الداخلي هو المحرك الأول للجميع.
كثيرة هي القصص المهلمة، وكثر هن النساء المميزات والمتميزات في مجتمعنا، نحن بحاجة لسماع صوتهن، والتعلم من تجاربهن، ودعمهن للوصول الى المراكز القيادية، وتبوأ مكانتهن التي يستحقونها، وكذلك نحن بحاجة لهن ليدعمن من هن في مقتبل الطريق، يحاولون رسم مستقبلهن، فتذليل الصعاب، واتاحة المجال للأجيال الشابة للانطلاق هو ما نسعى له جميعا.
الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا. والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني .