الكاتب:
السفير حكمت عجوري
خطورة ما يجري في الحرب الاوكرانية بالاضافة الى ضحاياها البشرية من الطرفين هي في انها ما زالت تنذر بدمار الكون لا قدر الله وذلك من خلال حرب عالمية ثالثة ، من حيث انها الحرب الاكثر خطورة في هذا السياق وذلك منذ وفاة الحرب الباردة ، مع ان الاتصالات بين روسيا وامريكا قائمة منذ الايام الاولى لهذه الحرب وعلى اعلى المستويات لتفادي الانزلاق لحرب كونية، وهو ما يعني ضمنيا انه قبول امريكي مبطن بما تريده روسيا من هذه الحرب وهي استعادة ما تعتبرها روسيا اراضيها (اقليم دونباس) وتجريد اوكرانيا من السلاح والقضاء على التطرف الاوكراني في المهد والاهم من كل ذلك هو ابعاد اوكرانيا عن حلف الناتو الذي يعني لو حصل وصول اسلحة الدمار الامريكي الشامل الى بعد دقائق قليلة عن موسكو وهو ما يعني ايضا وبدون لبس ان هذه الحرب ما كان لها ان تشتعل لو ارادت لها امريكا ذلك .
ما سبق يعني ان اشتعال الحرب في اوكرانيا هو مصلحة امريكية لمنع عودة اتحاد سوفياتي ثانية لسابق عهده وباي وسياة كونه يعتبر الند ان لم يكن العدو الوحيد لامريكا في الصراع على القوة، بدليل ان هذه الحرب التي نحن بصددها قد بدأ التحضير لها منذ ان قررت مادلين اولبرايت في عهد ادارة كلينتون تمديد نفوذ الناتو الى الجمهوريات التي انفصلت عن الاتحاد السوفياتي بعد انهياره في اوائل تسعينات القرن الماضي من اجل عدم الاستقرار فيما تبقى من الاتحاد (روسيا الاتحادية) ، على امل ان تنحصر كل اهتمامات روسيا الجديدة (الاتحادية) في وضعها الداخلي والهائها به بهدف عزلها بقدر الامكان عن اوروبا التي تعتبرها امريكا بوابتها الشرقية نحو اسيا التي تشكل المخزون البشري للعالم .
بالعودة الى ما ذكرناه يتضح ان اقحام روسيا في حرب استنزاف مع جارتها اوكرانيا سيؤدي الى حتما الى انهاك روسيا عسكريا واقتصاديا من خلال هذه الحرب التي مهدت امريكا لها بحرب نفسية ذكية حققت هدفها باجبار الرئيس بوتين على اجتياح اوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير الماضي كوسياة لمنع الناتو الامريكي من الوصول الى حديقة بيته .
بمعنى انها الحرب التي ارادت لها امريكا ان تكون حربها مع روسيا ولكن بالوكالة وعلى حساب اوكرانيا التي لا تعني واقع الامر شيئا لامريكا خصوصا وانها منطقة نفوذ جيوسياسي روسي شائت امريكا ام ابت ، اضافة الى ان استمرار هذه الحرب سيكشف لامريكا وحلفائها عن القدرات العسكرية الروسية التي بناها الرئيس بوتين على مدار عشرين سنة من وجوده في الحكم من اجل ان يعيد لبلده روسيا وهج وهيبة الاتحاد السوفيلتي ومجده كوسيلة لرد الاهانات التي التي تعرض لها الاتحاد السوفياتي الذي تحول بسبب الانهيار الى مجرد دولة قوية في عالم تتربع على عرشه امريكا لوحدها.
ما سبق يدل ايضا على ان قرار الرئيس بايدن في اذكاء نار هذه الحرب لم يكن وليد تخطيط ادارته وانما كان استكمالا لمشروع تم نسجه في عهد ادارة اوباما في حينه كان نائبا له ، وهو ما يجعلنا نشك بان الوقوف في وجه روسيا وعزلها هو من اختصاص الادارات الديمقراطية في امريكا (كيلنتون، اوباما بايدن).
وخلافا لسلفه ترمب الذي لم تشهد فترة جكمه وعلى النقيض من كل من سبقوه اي حرب , الا ان الرئيس بايدن يملك خبرة طويلة في السياسة الامريكية بشقيها في التشريع من خلال الكونغرس والتنفيذ من خلال الادارات الامريكية وهو ما يجعله امتداد طبيعي لكل من سبقوه في الادارة من اصحاب مدرسة الزعامة الامريكية للعالم وباي وسيلة كانت سواء اكانت البلطجة بحكم قوتها العسكرية او الابتزاز المالي والعقوبات الاقتصادية وذلك بعد ان تمكن كل هؤلاء الرؤساء من الحفاظ على هدف وحدانية امريكا في زعامة العالم والحفاظ عليه واستمراره منذ انهيار الاتحاد السوفياتي بعد وفاة الحرب الباردة قتلا على يد غورباتشوف ودفنا على يد يلتسين الى ان جاء القيصر بوتين كالحصان الاسود ليفاجئ الجميع وتحديدا امريكا بانه سيعيد نظام حكم العالم كما كان عليه ابان الحرب ااباردة ثنائي القطبية وهو الامر الذي يحاول الرئيس بايدن منع تحقيقه بكل الوسائل بما في ذلك هذه الحرب في اوكرانيا التي نرى الغرب بزعامة بايدن يمولها بالمال و يمدها بالسلاح والعتاد والوقود وعلى حساب شعوبهم في اوروبا وامريكا الذين اصبحوا يدفعون ثمن العقوبات الاقتصادية على روسيا لدرجة ان بايدن صار يخنق نفسه وحلفائه بنفس بالقدر الذي يخنق فيه روسيا اقتصاديا وهو ما يثبت فعلا انها حرب امريكا بالوكالة مع بوتين .
ما يجرى مع بوتين يذكرنا الى حد ما بما حصل مع صدام حسين الذي تخلصت منه امريكا بعد ان اقحمته بحرب استنزاف استمرت ثمان سنوات مع ايران تلاها اغراؤه بغزو الكويت ليخرج منه كما ارادت له امريكا منهكا عسكريا وماليا الامر الذي سهل على امريكا بعد ذلك احتلال العراق وبدون عناء ولكن بضحايا بلغت مليون قتيل عراقي.
ومع ادراك مسبق بان الفارق بين الزعيمين بوتين وصدام وعلى كافة الاصعدة كبير جدا الا ان المشترك بينهما انهما يقعان في نفس مربع العداء الاستراتيجي لامريكا وبالتالي لا بد من ازالتهما وهو ما اصبح واضحا ومستفزا لبوتين لدرجة انه ازال الغبار عن سلحته النووية ووضعها في الواجهة الامامية تحسبا وذلك بالرغم مما ذكرناه من تواصل بين الطرفين روسيا و امريكا وعلى اعلى المستويات ولكن وبحكم خبرة بوتين الاستخباراتية كرجل كي جي بي فهو لا يثق باحد .
.ما حدى بي كفلسطيني للكتابة ثانية عن هذه الحرب المفتعلة ليس بسبب جنونها النووي فقط ولكن لما تسببه هذه الحرب لنا كفلسطينيين من اوجاع انسانية كونها اقامت العالم وما زالت لم تقعده ولم يمض عليها سوى خمسة اسابيع تقريبا بينما الحرب في فلسطين لم تتوقف على مدار 74 سنة والعالم ما زال يتفرج .
اضافة الى ان وجعنا الاكبر كفلسطينيين هو ما نراه ونسمعه بان الذي يحاول التوسط لوقف هذه الحرب الاوكرانية هو اسرائيل دولة الفصل العنصري والقوة القائمة بالاحتلال لاننا نعلم انها مجرد خدعة صهيونية لصرف انظار العالم عن ما ترتكبه اسرائيل من جرائم بحق الفلسطينيين تحت احتلالها واستغلال اسرائيل للوضع الانساني لضحايا الحرب في اوكرانيا وتحديدا اليهود منهم واغرائهم بالهجرة الى اسرائيل لتسمين المستوطنات بشريا ولكن بغطاء اانساني، اضافة الى ان وساطة اسرائيل هذه وحياديتها الظاهرية في هذه الحرب هي ايضا خدعة لروسيا لضمان سير عملية هجرة اللاجئين اليهود الى اسرائيل ولحماية الطيارين الاسرائيايين الذين يستبيحون السيادة السورية بقصفها شبه اليومي .