الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

خمسة أطراف وأربع قضايا

نشر بتاريخ: 28/03/2022 ( آخر تحديث: 28/03/2022 الساعة: 12:20 )

الكاتب: عريب الرنتاوي

يمكن وصف الحراك السياسي الإقليمي الكثيف الذي يجري هذه الأيام بغير المسبوق منذ سنوات طوال، لقاءات ثنائية وثلاثية ورباعية وخماسية، تلتئم تباعاً، تنخرط فيها خمسة أطراف رئيسة: الأردن، مصر، الإمارات، إسرائيل والولايات المتحدة..

والأخيرة هي الحاضر الغائب في جميع هذه اللقاءات، حتى وإن التأمت بغياب مسؤوليها، وتتسع هذه اللقاءات أحياناً لمشاركات خاصة من قبل المغرب والبحرين والعراق..

أما مروحة القضايا التي يجري تناولها، فتبدأ بأزمة أوكرانيا، وما وراءها، مروراً بمفاوضات فيينا واحتمالات العودة لاتفاقها المبرم عام 2015، مروراً بفلسطين التي تنتظر ”رمضاناً ساخناً“ وفقاً لمختلف التقديرات، وسوريا التي يجري العمل على إعادتها للجامعة العربية وإعادة الدور العربي إليها.

الأطراف الرئيسة في هذه اللقاءات يجمعها ”قلق مشترك“ من تطورات الأزمة الأوكرانية، فهي حليفة استراتيجية لواشنطن وإن بأقدار متفاوتة، بيد أنها تتمتع في الوقت ذاته بشبكة علاقات ومصالح عميقة مع روسيا.. هي تدرك أن ”تغريدها“ بعيداً عن السرب الأمريكي خيار مكلف، لكنها لا تستطيع مجاراة الولايات المتحدة في حربها الشعواء على روسيا..

من هذا المنطلق، تتخذ المباحثات في هذا الشأن طابعاً استكشافياً وتشاورياً، من دون أن يكون منتظراً منها الخروج ببيانات مشتركة، أو إطلاق مبادرات محددة، أو تخليق هياكل وأطر جديدة.

قرب العودة لاتفاق فيينا (ما لم تقع مفاجأة ربع الساعة الأخير)، هي أيضاً قضية مشتركة لهذه الأطراف، التي تدرك من دون شك أن تطوراً كهذا سيطلق ديناميات جديدة في الإقليم، وسيعيد ترتيب أوراق القوى وتحالفاتها، هو “Game Changer”، من دون ريب، سيما إن نجحت طهران في إرغام واشنطن على رفع الحرس الثوري من قائمة المنظمات المصنفة ”إرهابية“..

في هذا السياق، فإن التفكير في مرحلة ما بعد العودة للاتفاق النووي يبدو أمراً شديد الإلحاح، وفي هذا السياق أيضاً، يصبح حضور مصطفى الكاظمي قمة العقبة الرباعية أمراً مهماً طالما أن ”الحرس“ والميليشيات الحليفة له لاعب رئيس على الساحة العراقية.. وموضوع كهذا، احتل مكانة مهمة على جدول مباحثات قمة شرم الشيخ الثلاثية كذلك.

والمؤكد أن الكشف المفاجئ عن اجتماع وزاري خماسي في إسرائيل، بحضور الوزير بلينكن، إنما يندرج في هذا السياق كذلك، فالأطراف المنضوية في ”المسار الإبراهيمي“ تعتقد أن لديها رسالة مشتركة حول إيران وبرنامجيها النووي والصاروخي ودورها الإقليمي، يتعين إبلاغها للوزير الأمريكي الزائر..

أما الوزير الغارق في ملفات أوكرانيا، ومن ورائها روسيا والصين، فقد وجد متسعاً من الوقت للحضور إلى المنطقة لمعالجة قضايا ملحة، من بينها إلى جانب إيران، نزع فتيل انفجار محتمل في القدس في شهر رمضان المبارك، مع كل ما قد يترتب عليه من دخول غزة بصواريخها على الخط، وشرارات قد تتطاير لتصيب دولاً ومجتمعات عربية أثقلت كاهلها جائحة كورونا واجتياح أوكرانيا..

التحوط لانفجار فلسطيني محتمل كان بدوره هدف زيارة يائير لبيد إلى عمان، وسيكون موضع اهتمام الملك عبد الله الثاني في زيارته المنتظرة والنادرة لرام الله، حيث قد يبحث مع محمود عباس فكرة عقد قمة ثلاثية تجمعهما مع نفتالي بينت في عمان، والمؤكد أن هذه المواضيع جميعها أشبعت بحثاً في شرم الشيخ والعقبة.

الإمارات، وفي سياق سياسة ”تصفير المشاكل“ تسعى في استعادة سوريا إلى الجامعة، وعودة الدور العربي إلى سوريا، لتوفير مزيد من الخيارات والبدائل للأسد، تتخطى طهران وموسكو، ونشاطها الدبلوماسي يستهدف حشد دعم عربي لهذه المهمة، وإقناع إسرائيل بأن لها مصلحة في ذلك، وتوجيه رسالة لواشنطن لاحتواء ”خيبتها“ و“قلقها“ بعد زيارة الأسد لأبوظبي.

وفي ختام هذه ”العجالة“، تجدر الإشارة لملاحظتين اثنتين: الأولى؛ غياب الرياض عن هذا الحراك، مع أنها لاعب رئيس في مختلف الملفات قيد البحث، والثانية؛ أن سياسة ”تصفير المشاكل“ الإماراتية سجلت خطوة مهمة بزيارة الشيخ طحنون بن زايد لعُمان، والقمة التي جمعته في ولاية صحار مع سلطانها هيثم بن طارق، أما البحث بينهما فمن المؤكد أنه تخطى العلاقات الثنائية، إلى اليمن وإيران.