الكاتب: مروان أميل طوباسي
تحل علينا هذه الأيام وتحديدا في الثلاثين من آذار الذكرى ٤٦ ليوم الأرض الخالد في ظل ما يجري من متغيرات دولية خاصة بما له علاقة بتحولات جيوسياسية تشهد بداية التحول إلى نظام دولي متعدد جديد ينهي الهيمنة واحادية القطب، متغيرات تضع القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة أمام تحديات جادة في ظل استمرار ممارسة الغرب لسياسات ازدواجية المعايير والنفاق السياسي بشأن قضية شعبنا الفلسطيني الذي ما زال يعاني الظلم التاريخي الذي أوقع عليه منذ ٧٤ عاما بتنفيذ جرائم الاحتلال الاستيطاني والتمييز العنصري حتى يومنا هذا.
إضافة إلى ما يجري من متغيرات اقليمية تتلخص باستمرار الاصرار والضغط الأمريكي على المضي بتوسيع المشاركة بما يسمى باتفاقات ابراهم من أجل تنفيذ رؤيتها المتعلقة بالشرق الأوسط الجديد من خلال دمج دولة الاحتلال كجزء منه وتنفيذ السلام الاقتصادي المزعوم دون الحقوق السياسية لشعبنا وإنهاء الاحتلال ومحاسبة إسرائيل.
وعلى المستوى المحلي ، فقد انتهينا من اجراء انتخابات المجالس المحلية التي كرست العملية الديمقراطية وعززت التعددية المجتمعية في كافة المناطق من أجل إخراج مجالس بلدية عليها واجب العمل من أجل كسب ثقة الناس وتوسيع الشراكة المجتمعية الشعبية ومراكمة التغيير الايجابي باتجاه التنمية إلى جانب توفير الخدمات لكل المواطنين وخاصة الفئات المهمشة منها وقطاع الشباب ، ودعم سياسات ومواقف قيادتنا الشرعية المتمثلة في منظمة التحرير ، على أمل توفر الظروف لاستحقاق اجراء الانتخابات كافة .
لقد شكل يوم الأرض مرحلة فارقة في مسار الحركة السياسية الوطنية الفلسطينية بالداخل ، وهو اليوم الذي أكد فيه شعبنا على الروح الكفاحية التي باتت أكثر اشتعالا وحضورا منذ ذلك التاريخ في عام ١٩٧٦ وحتى يومنا هذا في مواجهة سياسات دولة الاحتلال بمصادرة الأراضي والاستيطان الاستعماري.
"يوم الأرض" لم يكن حدثا عابرا ، بل فصلا تاريخيا جديدا منذ ذلك الحين ، أكد أن الهوية الفلسطينية لشعب أصيل صاحب أرض لن تنالها كل مشاريع التهويد الكولنيالية التي عملت الحركة الصهيونية بفرضها على "الأقلية السكانية الأصلية" في إسرائيل، وإلتي بقيت متمسكة في أرضها منذ نكبة شعبنا عام ١٩٤٨ رغم كل محاولات التهجير والترحيل التي قامت بها حكومات إسرائيل بعد إقامة كيانها على أرضنا ولهذا الجزء الحي و الأصيل من شعبنا القابض على جمر الصمود و البقاء والمتمسك بهويته الفلسطينية التاريخية من خلال ما جسده مضمون يوم الأرض الخالد بكفاح شعبنا من مختلف الاتجاهات الفكرية ومن خلال لجنة الدفاع عن الأراضي التي قامت بالجليل و المثلث والنقب ويافا وحيفا وعكا واللد والناصرة وفي كل القرى والمدن الفلسطينية العربية، التي قدمت شهداء يوم الأرض الخالد .
و امتدادا لذلك ومنذ ذلك التاريخ ، فقد رفعت الحركة الوطنية الفلسطينية بالاراضي المحتلة في اواسط السبعينات من القرن الماضي بالقدس والضفة الغربية وقطاع غزة من خلال الجبهة الوطنية " ذراع منظمة التحرير الفلسطينية بالأرض المحتلة" انذاك بمكوناتها السياسية و التنظيمية ، ومن خلال اطرها النقابية المهنية والعمالية واتحادات الطلبة والجمعيات النسوية والمجالس البلدية المنتخبة ولجان العمل التطوعي شعار " الأرض هي الهوية" ، ليتكامل كفاح شعبنا الفلسطيني اليومي ضد الاحتلال مع كفاح ثورتنا ومنظمة التحرير الفلسطينية خارج الوطن المحتل والعمل الفدائي المسلح ومع كفاح شعبنا الفلسطيني بداخل إسرائيل الذي ما زال يخوض معركته حتى اليوم بقيادة القائمة المشتركة ولجنة المتابعة للجماهير العربية ضد سياسات وهمجية الحركة الصهيونية والنظام الفاشي العنصري باسرائيل الى جانب كفاح كل مكونات شعبنا في كافة أماكن تواجده في معركة الحرية والاستقلال الوطني حتى تجسيد الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود عام ١٩٦٧ وتنفيذ الحقوق الغير قابلة للتصرف لشعبنا وعلى رأسها قضية العودة وحل مسألة اللاجئين وحرية الأسرى.
ويثبت التاريخ مرة تلو المرة منذ ذلك الزمن وحتى يومنا هذا ، ان صراعنا مع الحركة الصهيونية التي تقوم على العقلية العنصرية والفكر الكولنيالي الاستعماري الذي لا يدرك اي معنى للسلام والذي ما زال يشكل احد محددات الحركة الصهيونية وسياسات دولة الاحتلال رغم تغير الظروف ، يدور في حلقة الصراع على الأرض ويتمركز حولها ، الأرض التي تشكل معالم هويتنا الوطنية وترتبط بروايتنا التاريخية ، الأرض التي لا نملك سواها وطناً غير فلسطين ، فارضنا هويتنا ، والتمسك بها هو طريقنا نحو الحل السياسي القائم على احقاق حقوقنا الوطنية المتمثلة بالحرية والاستقلال الوطني وللسلام العادل .
واكرر معكم هنا في هذه الذكرى الخالدة كلمات شاعرنا الراحل توفيق زياد ، فليمسي وطني حرا فليرحل محتلي فليرحل .
لشهداء يوم الأرض ولكل الشهداء المجد والخلود.