الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الوطن أنتم..

نشر بتاريخ: 29/03/2022 ( آخر تحديث: 29/03/2022 الساعة: 02:13 )

الكاتب:

الكاتب: عبدالله خالد مسمار

في كل مرة أجلس فيها مع نفسي... أتذكر أبي وأمي...أخي و أخواتي...أقاربي و أصدقائي

في داخلي كلام أريد أن أقوله و كم تأخرت في قَوْله.

رغم جمال المدينة التي أدرس فيها...و وجود الأصدقاء و ما يُرفَّه به عن النفس ... إلا أن هذا كله لا يساوي.. لا يساوي لَذّة النظر لوالديّ...

حضن أمي الدافئ و صدر أبي الحاني الآمن..

لا يساوي البركة في ابتسامتهما و تقبيل يديهما و عناقهما...

لا يساوي تجمع أخواتي حولي...و شعوري بمحبتهم الصادقة النقية العذبة...

لا يساوي عناق أخي و حديثي معه...و إحساسي بأنه معي سَنداً يَشُدُّ عَضُدي...

لا يساوي فنجان قهوة مع أبناء عمومتي و أقربائي...أو ضِحكة مع أصدقائي...

لا يساوي لقمة من طَعام أمي... ولا كلمة من مَعارِف أبي...

لا يساوي صوت لغتي العربية مسموعة في كل مكان...

لا يساوي صوت الأذان...

و لا روح رمضان...

أعتذر...

عن كل لحظة أردتُ فيها ان أبتعد...

عن كل غَضْبة أعمَتْني عن نِعَم أحاطتني و لم ألتفت...

عن كل مرة أحزَنْتُ أمي و أبي و لم أعتَبِر...

عن كل مرة... و كم من مرة.. قلتُ فيها كلاماً لا يُغتفَر...

عن كل مرة قال لي أبي لا تغضب و لا تَعجَل...إصبر..

إنما أردت التحرر من قيد أتعَبَني

أردت عِلْما كعِلم ابي... لعلي أصلُ شيئا من قامَته...

أردت أسفاراً مثل أسفار أبي... أقصُها على أحفاده...

أردت تِرحالاً مثل تِرحال أبي لعلي أحصل على شي كحِكْمته..

أو أصنَع بعضاً من تاريخه الذي به نفتخر...

أردت أن أشعر بشعور أمي...فارقت أهلها.. فهل مثلها أصبر..

هل خوفها علَيّ زائدٌ... أم له ألف مُبَرِّر...

بلى قد علمت...

كم عاماً انتظرا قدومي...

كم دعَتِ الله أن يرزُقَها بي..

كيف نذَرتْ له إسمي...و كم تعبت في حملي..

كم من دعوة دعتها لي حتى قبل مولدي...

و فرحِها عند مولدي و قد كُنّي بي أبي..

‏كيف ربياني و إخوتي صغاراً... و صبرا و يصبران علينا كباراً

‏كيف علّمانا بكل ما امتلكاه من مال..

‏و أفنيا عمرهما و صحتهما... و سَهِرا ليال طِوال..

كيف جاهد أبي في سبيل ربه و دينه و وطنه... و لايزال...

كم حاول أن لا يُفارِقنا و أن يُبقينا بجانبه...

كم تحملت أمي و صَبرت.. مؤمنة بواجبه تجاه قضيته....

كم انا محظوظ...

بل كم أكرمني ربي بأبي و أمي...

بأخي و أخواتي... بأجدادي و ما امتد من عائلتي..

بديني و عروبتي

الوطن ليس جغرافية المكان... و لا كلام يردده اللسان...

الوطن أمي و أبي...

الوطن أهل و أحباء...ذكريات و أحلام...حنين و حب صادق...

الوطن ذكرى أجدادي.. و أعمامي و أخوالي... و عمتي..

الوطن أنتم..