الكاتب:
د. سهيل الأحمد
من أراد أن يعرف قيمة نفسه وقوة وده فلينظر فيمن يصاحب من خلانه وكيف يتم معاملته بردات أفعالهم بمقابلة أفعاله، ثم يُوزن ذلك ويُكيله فيقبله ولا يُقيله ليعلم طبيعة الوزن الحقيقي من خلال ذلك التعامل، وهذا أمر مطلوب من وقت لآخر وبين شخص وآخر. واكتشاف الوزن يكون بمزايدة الخلطة وبمعرفة من له الأثر مع غيره من حيث المنزلة والسلطة، فإن عُلم معها بأنّ المتعامل معه قابل للتجاوب والتناصح والتصاوب؛ بانَ لك بأنك مع من هو مقربك من الحل ومبعد نفسك عن التعب والضيق والكلّ.
فمن المهم أن يقال في هذا المقام: ليس بعاقل من لم يدار من ليس له من مداراته بُدّ حتى يجعل الله له مخرجاً.
ومحبك من الناس في السراء والضراء ولم يقف حال تعامله معك عند المصلحة الخاصة به، بل ولم ينتظر منك أي معروف، ثم تقبلك بصدق وأمانة حال الغضب أو السعادة مع تعاهده لك بالنصيحة حال يسرك وعسرك.. فهو ممن صدقك واصطفاك ومن أوفى بعهده معك.
وهنا قد تعجب لصداقة طويلة المدة واسعة المحطات تمحوها لحظات جهل غير واعية، وتعجب كذلك لصحبة وقد بنيت بلا مصالح فتضيع وتنهار لوجود حالة ضيقة لم يتم التفاهم فيها أو قد عجز التواصل عن فهم طبيعتها، والأعجب من ذلك أن المحبة بين الناس وقد استمر بناؤها وتوثيقها أعوامًا وسنوات ثم تمضي في موقف واحد هباءً منثورًا وبلا رجعة.
وفي الصلة والتواصل يتعمق التشبيه وترتقي المشاعر، فتصفو النفوس وتعلو الهمة حيث يقول من فهم الوصل وعرف الفضل: مرض الحبيب فزرته فمرضت من حزني عليه ... جاء الحبيب يزورني فشفيت من نظري إليه.
إن الحب الحقيقي والصادق هو ما كان لأجل الله تعالى وفي الله سبحانه، حيث يكون بهذا المقصد أعظم حب وأجمله، وأصدق شعور وأنفسه وأنبله، وهو يظهر وقتها أنك قد احتويت أزكى عاطفة زرعت في النفوس، لتستنشق مع هذا العشق الخالص أجود عطر يفوح ريحه ويستقر في الأرجاء والآفاق، ليورثك مع كل ذلك راحة وطمأنينة لا توصف وقناعة لا تتوقف.