الكاتب: هبة بيضون
كان يوم أمس الجمعه من أكثر المشاهد استفزازاً وإيلاماً، مشهد تقييد أيدي المرابطين في الأقصى ورميهم على الأرض والاعتداء عليهم من قبل قطعان جنود الاحتلال الصهيوني، ورمي قنابل مسيلة للدموع داخل المسجد، وضرب المسن قبل الشاب، هذا الاحتلال الذي لا يألوا جهداً ليمارس أبشع الممارسات وأكثرها قذارة وعنصرية وعبودية في حق الشعب الفلسطيني، ليثبت للعالم أنه أحقر احتلال مر على وجه الأرض.
هذا الاحتلال بوجهه الحقيقي الذي لم يعد بإمكانه أن يخفيه أمام العالم أجمع، والذي فضحت ممارساته وعنصريته وعنجهيته تقارير المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية وأعضاء برلمانات في شتى بقاع الأرض.
إنّ دخول هؤلاء بهمجيتهم المعهودة إلى الأقصى المبارك ليس أول مرة، بل سبق لهم أن قاموا بذلك، ولكن تميّزت هذه المرة بتفنن في الاعتداء على المصلين والمرابطين من أبناء شعبنا، ما ينم عن سادية متأصلة وممنهجة عند منظومة الاحتلال بجميع مكوناتها .
إنّ مجرد انتهاك حرمة المسجد والدخول إليه ببساطير نجسة يرتديها مجرمون لهو فعل مقيت، ناهيك عن دخول السلاح إلى بيت الله الآمن وترويع المصلين والمرابطين، وتقييد الرجال الأحرار وبطحهم أرضاً على بطونهم في مشهد ذكرني بفضيحة أبو غريب في العراق، دون أي مراعاة لكونهم آباء أو أجداد أو يعاني أحدهم من مرض ودون أي مراعاة للسن، هو جريمة مكتملة العناصر ومخالفة لجميع الشرائع الإلهية والوضعية .
هذا المشهد الذي يهز الجبل بقسوته وعدم إنسانيته ويغيب عنه أي نوع من الأخلاقيات لأن مرتكبيه لا علاقة لهم بمنظومة الأخلاق، ولا يعرفونها، يلين الحجر بل الصخر، ولكن يا للعجب لم يليّن قلوب تحجّرت، ونفوس تعفّنت، وكرامة تلاشت.
لا نقول إلّا حسبنا الله ونعم الوكيل، وعار على كل من شاهد وسمع وعرف عن الجريمة دون أن يمد يد العون والمساعدة لإنهائها، بل لم يتخذ إجراء فوري، ليس فقط لإدانة إسرائيل التي شبعت إدانات وامتلأت جواريرها بملفاتها، وإنما لإيقاع أقصى العقوبات عليها، وهنا لا أقصد عقوبات من قبل المنظمات الدولية ، بل كل كيان يعتبر ذاته مستقل عليه مسؤولية في اتخاذ إجراء يسهم في عزل هذا الكيان العنصري الغاصب، مثل وقف و عالأقل تعليق اتفاقية تجارية أو ثقافية أو أي نوع من اتفاقيات التعاون ، أو سحب السفير من دولة الكيان، أو طرد سفير دولة الكيان، وغيرها من الإجراءات التي لو اتخذت كل دولة إجراء عملي واحد فقط ضد إسرائيل، لشعرت الأخيرة بجدية العبث والتطاول على الأقصى، ولتمكنت الدول العربية من عزلها وإيقاف مصالحها لحين تثبت تغيير نواياها وممارساتها ليس فقط تجاه القدس والمقدسات، وإنما اتجاه الشعب الفلسطيني الأعزل.