الكاتب:
رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
عمل الاحتلال الإسرائيلي على خلق مسمى ( مفاوضات على التهدئة ) بدلا من ( مفاوضات الحل النهائي ) . فلم يعد أحد يذكر القدس واللاجئين وحق العودة والمياه والحدود والأسرى ، وبعد وفاة صائب عريقات اختفت هذه المصطلحات إعلاميا حتى في معظم الصحافة الفلسطينية نفسها . وتساوق مع ذلك ( الارملة السوداء = جامعة الدول العربية ) التي ترى في الوساطة الذليلة بطولة " عظيمة" لها . فبدلا من أن تكون حاضنة للقضية الفلسطينية تحوّلت الى وسيط خائف لا يظهر على الشاشات الا اذا طلبت تل ابيب منها ذلك . والاسوأ من ذلك ان دول التطبيع لا تجرؤ حتى على الوساطة ، واستطابت لعب دور الأطرش والاعمى في الوضع الراهن وهذا يليق بها فهي لا تستحق أكبر من هذا الدور .
موجة العمليات الأخيرة والعدوان المسمى كاسر الأمواج . أعاد ضبط الأحداث بطريقة تلقائية جيدة . وشكّل دائرة فرز واضحة تعطي الاحجام الحقيقة لكل الدول ولكل الأنظمة ولكل القوى والفصائل عربيا وفلسطينيا .
حالة الفرز لم تكن سيئة ، بل كشفت الوهم الذي عشناه ردحا طويلا من الوقت ، وأسقطت الأقنعة ، وجعلت الرؤية أوضح . وخصوصا رؤية حقيقة النظام العنصري والابارتهايد الإسرائيلي ، ونفاق الغرب وسقوط اّخر ورقة تين عن عورة النظام العربي.
إسرائيل لا تريد دولة ، ولا تريد دولتين ، ولا تريد حل عادل ، ولا حتى حل مؤقت . إسرائيل تريد كل شيء . تريد احتلال كل شبر في الأرض وأن تزهق كل روح في الانسان .
والعربي الجيد بالنسبة للصهيونية اليهودية هو الذي يقتل الجنود ابنه ويهدموا منزله ، ويوافق على مقابلة التلفزيون الإسرائيلي ويقول باكيا : انا ضد الانتقام وضد العنف وأتمنى السلام !!
اما اذا سأل احد لماذا يحاصرون غزة منذ 15 عاما ؟ فانه سيواجه تهمة التطرف والتحريض ! واذا قال أحد ان الاحتلال يجتاح كل يوم كل مكان في الضفة الغربية ولا يوجد سلطة ، فانه سوف يتهم بضيق الأفق والتطرف ! واذا صاح رجل صائم من رحاب المسجد الأقصى : ان حثالة الشعوب يضربون النساء والأطفال على فراش الصلاة ويشتمون النبي في داخل المسجد الأقصى في شهر رمضان فسوف يواجه تهمة المبالغة والانفعال الشعبوي !
عملية كاسر الأمواج كسرت كل شيء .
وفي يوم قريب سوف نذكّر الحكومات والزعامات والقيادات واللحى والشوارب والفصائل والتنظيمات ، وسوف نذكر الإسرائيليين العنصريين ومنظمات الإرهاب اليهودي وغلمان التطبيع ( ان عدوان كاسر الأمواج كسر كل شيء ضعيف ومهترئ ) . وأن ( البقاء للأصلح وليس البقاء للأقوى )