الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
الانقسام داخل إسرائيل بلغ ذروته، ولولا تدخل الحركة العربية للتغيير بزعامة منصور عباس لإنقاذ الأحزاب الصهيونية لظلّت حتى اليوم عاجزة عن تشكيل حكومتها. ولو قرر اليوم الانسحاب من حكومة نفتالي بينيت سوف تسقط حكومة الاحتلال فورا ويهبون لانتخابات خامسة وسادسة وسابعة.
الانقسام الإسرائيلي أشد عنصرية من أي انقسام. فهم منقسمون بين شرقي وغربي، ومنقسمون بين يسار ويمين، وبين يمين وسط ويمين إرهابي متطرف، ومنقسمون بين غني وفقير، وبين سكان تل ابيب الباحثين عن الترفيه وبين سكان مستوطنات الجنوب الذين يعيشون على خط المواجهة مع غزة، وبين الجيل الصهيوني القديم الذي مات قلبه وعقله في الحروب، وبين الجيل الجديد الذي لا يريد ان يموت لأجل عناوين إخبارية زائفة.
الإسرائيليون لا يريدون الحرب ليس لأنهم أصحاب اخلاق طيبة، وانما خشية تعرضهم للقصف. وهم جمهور يميني عنصري متطرف ولا يريدون السلام، وقد باتوا عنصريين في الاخبار وفي الكلمات والمصطلحات وفي كل مرة يخرج الوحش من داخل قلوبهم يهتفون (الموت للعرب). وذاك يليق بهم ويكشف زيف ادعاءاتهم .
الفلسطينيون منقسمون بشكل محزن وفقير. منقسمون بين فتح وحماس، ومنقسمون فكريا وجغرافيا واعلاميا وسياسيا وثقافيا ونقابيا. ومنقسمون بين ليبراليين لا يملكون برنامجا للتحرر، وبين راديكاليين لا يملكون برنامجا للحياة.
والانقسام عند الفلسطينيين بات أخطر مما تصورنا. فقد أصبح منهاج حياة يفشل كل مشاريع التطور والنماء .
الدول التي أغرقت نفسها في التطبيع ذهبت وتحالفت مع الاحتلال المنقسم لإنقاذه من السقوط، بدلا من انقاذ المجتمع الفلسطيني. وقد انتقلوا في العام الراهن من مشروع التطبيع مع الصهيونية الى مرحلة التحالف العسكري والأمني مع الصهيونية ضد المجتمع العربي!!
المجتمع الفلسطيني أدرك ذلك بالفطرة. ولهذا يعمل منفردا على إعادة ترتيب نفسه للنضال وللعيش والتأقلم، للقتال وللمواجهة من دون حاجة لمعلم، ومن دون حاجة لأستاذ يفهمه عبر شاشات التلفزيون ماذا يعمل وماذا لا يعمل.