الكاتب: راسم عبيدات
بينت رئيس وزراء الإحتلال قادم من الإستيطان الديني ورئيس المجلس الإقليمي السابق للمستوطنات وصاحب مشروع اضفاء الجانب التلمودي والتوراتي والرموز الدينية على الإستيطان في الضفة الغربية،ولذلك رصد لهذا الهدف وتلك الغاية اكثر من 6 ملايين شيكل من أجل بناء كنس ومقابر ومعابد في 30 مستوطنة وبؤرة استيطانية في الضفة الغربية ...ودعم الجماعات التلمودية والتوراتية في مخططها لفرض سيطرتها الدينية على المسجد الأقصى وتقسيمه زمانياً ومكانياً تمهيداً لهدم مسجد قبة الصخرة وإقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم،ولذلك جاءت الإقتحامات الواسعة للمسجد الأقصى من يوم الأحد 17/4/ وحتى يوم الخميس 21/4/22022،والتي بدأت ب "غزوة" الأقصى واقتحام المسجد القبلي في تجاوز فظ لكل خطوط الحمراء،والتي كانت بمثابة " بروفا" وجس نبض لقياس ردة فعل المعتكفين والمرابطين /ات والمصلين وكل من تواجد في الأقصى من أهل القدس وما يتصل بهم في الواقع الميداني من شعبنا وأهلنا في الداخل الفلسطيني -48- ..ومن استطاع الوصول من أهل الضفة الغربية...حالة الصمود الأسطوري والصلابة و ا ل م ق ا و م ة الشرسة للمدافعين عن الأقصى وتهويده،دفعت حكومة الإحتلال والجماعات التلمودية والتوراتية للتراجع عن إدخال قرابين الفصح وذبحها في ساحات المسجد الأقصى،ولكنها استمرت في عمليات الإقتحام،وتحت تصاعد وتيرة الأوضاع والمواجهة في الأقصى وامتداد لهيبها للداخل الفلسطيني -48 - والضفة الغربية ...ورفع م ق ا و م ة شعبنا في قطاع غزة لدرجة وحالة تأهبها،وقولها بأنها لن تتخلى عن واجبها في الدفاع عن شعبها ومقدساتها وفي المقدمة منها الأقصى،وما صدر عنها وعن اجنحتها العسكرية من تهديدات، تراجعت حكومة بينت التي تعيش أزمة سياسية عميقة تهدد استقرارها واستمرارها خطوة للوراء ومنعت تلك الجماعات من الإستمرار في اقتحامات الأقصى في العشر الأواخر من شهر رمضان،الأمر الذي دفع ب" الداعشية " اليهودية من تلك الجماعات المتطرفة لتنظيم مسيرة اعلام خطط لها ان تنطلق من ميدان سفرا من أمام بلدية الإحتلال الى ساحة باب العامود،والتي كانت في نيسان الماضي أحد صواعق التفجير للأوضاع في القدس وتدخل ا ل م ق ا و م ة من قطاع غزة لصالح الأقصى وباب العامود والشيخ جراح،معركة " سيف القدس"في 11 أيار من العام الماضي.
حكومة الإحتلال التي قدرت مستوياتها العسكرية والأمنية والسياسية بأن توجه هذه المسيرة الى باب العامود سيشعل فتيل إنتفاضة على طول مساحة فلسطين التاريخية،مما يدفع لتدخل عسكري من ا ل م ق ا و م ة في قطاع غزة ،وكذلك باتت على قناعة بأن بن غفير الذي يقف على رأس هذه المسيرة،يريد تحقيق مكاسب شخصية وحزبية تجعل منه بطل قومي أمام تلك الجماعات المتطرفة وجماعات الإستيطان الديني،ولذلك وجدنا نائب رئيس اركان جيش الاسبق "يائير جولان" يقول بأن بن غفير في ألاعيبه،يريد المتاجرة بدمنا ودم أبناءنا ،في حين رئيس وزراء الإحتلال وصف الأمر بالقول بأنه لن يسمح لرؤية بن غفير الحزبية الضيقة بتهديد امن دولة الإحتلال...بينت وحكومته اصبحوا اسرى الجماعات التلمودية والتوراتية ،"الداعشية اليهودية" التي أصبحت تتحكم في القرار السياسي الإسرائيلي وحتى في بقاء الحكومة او سقوطها،بسبب تشظي وتفتت وتلاشي الأحزاب السياسية الكبيرة،والتي لم تعد مقررة في السياسة الإسرائيلية ،وبينت الذي استخدم ووظف تلك الجماعات المتطرفة في التحريض على نتنياهو من أجل اسقاط حكومته،سيعود نتنياهو لتوظيف تلك الجماعات التلمودية والتوراتية لإسقاط حكومة بينت...بينت لا يريد ان يخسر او يتصادم مع تلك الجماعات،لأن ذلك سيدفعها الى إسقاط حكومته المترنحة أصلاً ..ولذلك في ذكرى نكبة شعبنا الفلسطيني ال 74،ما يعرف بيوم استقلال دولة الإحتلال في الخامس من الشهر القادم،وفي ذروة الإحتفالات في هذا اليوم،الطائرات الحربية الإسرائيلية التي تشارك في الإستعراض العسكري وتقطع فلسطين الداخل -48 - طولاً وعرضاً،ستحلق لأول مرة استجابة لرغبة تلك الجماعات المتطرفة ودعمها في بناء الإستيطان و"البلاد" والعودة الى ما يسمونه بأرض الأباء والأجداد فوق الحرم الإبراهيمي الشريف الذي جرى تقسيمه،وكذلك فوق مستوطنات "كريات اربع" و"غوش عتصيون" التي تعيش فيها أكثر الجماعات التلمودية والتوراتية تطرفاً ...ومن هنا تحليق تلك الطائرات فوق الأراضي المحتلة عام1967،والتي ربما ومن غير المستبعد ان تشاركها في التحليق فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 ،طائرات دولة مشيخة الإمارات " الشقيقة، التي ستشارك في هذا الإستعراض العسكري.
هذا التحليق فوق الأراضي المحتلة عام 1967 ،وبالذات فوق الحرم الإبراهيمي ومستوطنات الخليل،يرسل رسائل سياسية متعددة، أولها بأن دولة الإحتلال لن تتنازل عن ما تسميه بأرض الأباء والأجداد،ولن تتخلى لا عن مستوطنات ولا بؤر استيطانية في الضفة الغربية،بل ستعمل على تعزيز وزيادة الإستيطان فيها،وهي تقول لمن يهذون ومن هم يعيشون في غيبوبة سياسية وإنفصال عن الواقع من قيادتنا،بأنه لا وجود لوهم ما يسمى بحل بحل الدولتين سوى في رؤوسكم، وإستمرار تمسككم واصراركم على أن تشكيل أي حكومة وحدة وطنية رهن بإعتراف ح م اس بالشرعية الدولية ،فهذه الشرعية الدولية انكشفت على حقيقتها في اوكرانيا ويفترض أن تقتنعوا،بأن تلك الشرعية الدولية طوال 74 عاماً من الإحتلال،لم تنتصر لشعبنا الفلسطيني وقضيته وحقوقه،ولم تفرض أية عقوبات ملزمة على دولة الإحتلال،ولم تنجح في إزالة طوبة واحدة من أي مستوطنة اسرائيلية مقامة فوق أرضنا، وأقصى ما ستمنحكم إياه تلك الشرعية الدولية حزمة من بيانات الشجب والإستنكار وقرارات مصيرها الأدراج و"الجوارير" والأرشيف في مقرات الأمم المتحدة.
أما دولة الإحتلال وبغض النظر عن حكوماتها السابقة والحالية واللاحقة،فأقصى ما ستمنحكم اياه حكم ذاتي للسكان بدون سيطرة على الأرض و"سلام" اقتصادي يقوم على تكريس الإحتلال،مع تحسين شروط وظروف حياة الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال،هذا ما قال به نتنياهو ومن قبله بيرس وغيرهم من قادة دولة الإحتلال،وهو ما يقوله بينت الآن ومن سيخلفهفي الحكومة،ونظرتهم للسلطة بأنها لا تؤدي أكثر من دور وظيفي وخدماتي والعمل كوكيل أمني للإحتلال. ومن هنا اعتقد بأنه أن الأوان لمغادرة وهم الحديث الكاذب عن السلام الكاذب وما يسمى بحل الدولتين والشرعية الدولية او " صنم" ما يعرف بمبادرة السلام العربي.