الكاتب:
داوُد كُتّاب*
نجح المرابطون في المسجد الأقصى في إيقاف المحاولات الإسرائيلية تغيير الوضع القائم وقد اجمع الجميع بما فيهم مؤخرا وزير خارجية إسرائيل بضرورة احترام الوضع القائم أو ما يسمى الستاتيكو. والمعروف أن اتفاقية الستاتيكو تم صياغتها في عصر الإمبراطورية العثمانية خلال إدارة السلطان عثمان في عام 1757 وهذا الاتفاق يحدد ملامح إدارة تسع أماكن مقدسة في القدس وبيت لحم ويشمل إدارة تلك الأماكن فيما بين نفس الطوائف وبين الطوائف المختلفة.ومن المتوقع أن يجري العاهل الأردني سلسلة لقاءات مهمة في العاصمة الأمريكية واشنطن بعد الانتهاء من عطلة عيد الفطر ستحدد بالتفصيل كيفية إدارة الأماكن المقدسة في مدينة القدس والتي تحظى بالرعاية الهاشمية والتي شملتها اتفاقية "الدفاع عن القدس والمقدسات" الموقعة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والملك عبد الله الثاني في 31 اذار عام 2013.وحيث إن الجانب الإسرائيلي والأمريكي يكرران مبدأ الحفاظ على الوضع القائم لا بد من الإشارة أنه منذ تشرين اول من عام 2000 لا تحترم إسرائيل الوضع القائم حيث تم مصادرة مفاتيح باب المغاربة وطرد حراس الأقصى حيث شكل هذا الأمر خرق واضح في كيفية تنظيم وإدارة الزيارات للحرم القدسي الشريف. فكل أبواب الحرم القدسي يتواجد فيها ممثل عن دائرة الأوقاف الإسلامية بالإضافة إلى ممثل عن شرطة إسرائيل في حين لا يوجد سوى الأمن الإسرائيلي على باب المغاربة الأمر الذي خلق المشكلة التي يعاني منها دائرة الأوقاف من خلال الاقتحامات اليومية للمسجد من قبل متطرفين لا ينوى زيارة مكان تاريخي إدارة المسلمون منذ 1200 سنة لكن هدف زيارتهم اثبات "ملكية" لليهود وادعائهم بحق الصلاة على ما يسمونه جبل الهيكل.صحيح أن وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري أشرف على تفاهم مع صاحب الرعاية الهاشمية للأماكن المقدسة في عمان عام 2014 بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نص على حق المسلمين في الصلاة في الأقصى وحق الآخرين الزيارة. الا ان تفاصيل هذا الاتفاق والتي شملت تحديد عدد قليل من الزوار وعدم السماح بتكرار الزيارة لنفس الأشخاص ومنع المتطرفين اليهود من الزيارة كل هذه الأمور تم تجاوزها الأمر الذي أدى الى مقاطعة من العاهل الأردني استمرت لغاية تغيير الحكومة في إسرائيل.لقد شكل أحداث شهر رمضان وخاصة يوم الجمعة 15 من نيسان زلزال في التفاهمات حتى مع إدارة بيدين الأمر الذي شكل تراجع واضح في إمكانية الاستمرار في التواصل مع الجانب الإسرائيلي وهو ما أدى الى التدخل الأمريكي والاتفاق على ضرورة إعادة النظر في مجمل أمر الوضع القائم.إن عودة تواجد حراس الأوقاف في كافة الأبواب بما فيها باب المغاربة تشكل المدخل المنطقي لضمان احترام الوضع القائم الأمر الذي يعني أن كل زائر غير مسلم عليه/ها الحصول على موافقة من دائرة الأوقاف وضرورة التقيد بساعات محددة للزيارة واحترام قدسية ثالث أهم مسجد لدى المسلمين. كما من المتوقع العودة لما كان يتم خلال الإدارات الإسرائيلية السابقة وهو توقف زيارات السواح في أوقات الأعياد الإسلامية ومنها بالضرورة شهر رمضان.لقد شكل الحشد الكبير لحماية الأقصى والدور الثابت الأردن وللقيادة الفلسطينية جدار منيع أدى الى تراجع إسرائيل عن مخططاتها وتدخل واشنطن مجدداً بهدف إيجاد حل دائم لتنظيم زيارات السواح للمسجد الأقصى على أساس احترام صادق للوضع القائم ولذلك من أولويات أي اتفاق العودة لما كان الوضع عليه قبل انتفاضة الأقصى عام 2000. هذا هو المدخل المنطقي والمعقول لإيجاد حلول خلاقة لمشكلة شكلت مصدر إزعاج وخوف بسبب السماح للمتطرفين اليهود باللعب بالنار.الكل يتطلع لخروج اللقاءات القادمة بحلول تضمن الوضع القائم عملا ويس قولاً.
*الكاتب صحفي فلسطيني من القدس