الكاتب: د.ناجي صادق شراب
بعد أربعة وسبعين عاما على نشؤ إسرائيل بقرار دولى غير عادل وبقوة السلاح وبغطاء دولى مازالت إسرائيل تعانى من مشاكل وتحديات كثيره في عمليات بناء الدولة ، لدرجة يصعب معها القول ورغم إحتفالاتها التي تخفى فيها وجهها الحقيقى أنها نجحت في بناء دولة كامله. وحسب قول الباحث السياسى أفرايم غانور في مقال له في صحيفة معاريف:أن الإسرائيليين يحيون تأسيس دولتهم في عامها الرابع والسبعين والأرض تهتز من تحتهم غاضبة وقلقة.ورغم الوجه الغير حقيقى الذى تقدم به إسرائيل نفسها أنها دولة ديموقراطية ومدنية ولديها نظاما سياسيا برلمانيا يتسم بالمرونة والشرعية السياسية الملزمة، وانها دولة مواطنه وحقوق، وتقدم نفسها أنها الدولة ألأقوى في المنطقة وألأكثر تقدما وتنمية وتطورا في مجالات العلم المختلفة. وتقدم نفسها أنها ضحية الإرهاب الفلسطييى ، وتتمسك بسياسات التسامح الدينى وحرية العبادات بدليل وجود كل أهل الأدديان من مساجد وكنائس. إلا أن الحقيقية ألأخرى او الوجه الأخر الذى تخفيه إسرائيل انها دولة إحتلال وتمارس اقصى درجات العنصرية والتمايز في الحقوق ليس فقط ضد اكثر من خمسة مليون من الشعب الفلسطينى يعيشون تحت الاحتلال والإذلال العسكرى والحصار، بل أيضا ضد أكثر من عشرين في المائة من سكانها من عرب الداخل وبإعتبارهم مواطنيين من الدرجة الثانية أو الثالثة، فهم ورغم تمثيلهم في الكنيست الإسرائيلى ومشاركتهم في الانتخابات وبل وبالرغم من مشاركة قائمة عباس منصور القائمة الموحده في الحكومة فهؤلاء ورغم حملهم الجنسية الإسرائيلية يعانون من عدم المساواة في الحقوق والخدمات ومخصصات الموازنة لبلدياتهم مثل بقية السكان اليهود، وهذا يعرف بمشكلة عدم التكامل وعدم قدرتهم على الإندماج وهو ما عبرت عنه كثير من مظاهر المسيرات الإحتجاجية بل واللجوء للقوة للتعبير عن حقوقهم كما راينا في الحرب الأخيرة على غزة .وتعانى إسرائيل من إشكالية الهوية القومية ، فرغم قانون القومية الذى تم إصداره وتبنيه وإعتبار إسرائيل وطنا قوميا لكل اليهود فما زالت تعانى من مشكلة الهوية وعدم إكتمال الدولة بعد أربعة وسبعين عاما، فالتمايزات واضحه بين اليهود الشرقيين والغربيين وبين المتدينيين وغيرهم . ومما زاد الأمور تعقيدا بروز قوة المستوطنين الذين بدأوا يشكلون اليوم دولة ثالثة ، ولهم نفوذهم وقوتهم التصويتية.هذا الوجه الإستيطانى والتهويدى لأرض أدعت إسرائيل حقها وملكيتها فيها وبنت أساطيرها المختلفة , وتناست انها قامت على تشريد أكثر من 750 الف فلسطينى وأقتلعتهم من منازلهم وأراضيهم. وهناك وجه ثالث لإسرائيل وهو الوجه الأكثر عنصرية وقوة وعدوانية ضد أكثر من خمسة مليون في الضفة الغربية وغزة وتمارس كل سياسات الإحتلال والعنصرية ضد الفلسطينيين الذين ترفض الإعتراف بهم شعبا، وترفض الإعتراف بأنها دولة إحتلال. ولا تعترف بحقهم في قيام دولتهم التي أقرتها قرارات الشرعية الدولية ورغم الإعتراف بفلسطين دولة مراقب في الأمم المتحده وإعتراف غالبية دول العالم بها. وتمارس إسرائيل كل سياسات الإعتقال دونما تمييز بين طفل ورجل وامرأة . وتدمير المنازل وترحيل سكانها ، ولا تكتفى بذلك بل تقيم الحواجز العسكرية التى يقف فيها الفلسطينيون طوابير لساعات طويله ليعودوا لمنازلهم. وتبدع إسرائيل فيما يعرف بالإعتقال الإدارى الذى يعطيها الحق أن تعتقل اى مواطن فلسطينى لشهور تحددها كما تريد. ولا تتوقف هذه السياسات الإحتلالية عند هذه الصور بل شنت أربعة حروب على غزة في مدة زمنية لا تتجاوز العقد والنصف، قامت من خلالها بتدمير الحياة لأكثر من مليونين نسمه يعانون الفقر والبطالة بسبب سياسات الحصار والتحكم فيما يدخل من سلع ومصادر للطاقة .هذا على الرغم من ان الفلسطينيين قد أعترفوا بإسرائيل ووقعوا معها إتفاقات أوسلو والتي كان يفترض ان تنتهى بقيام الدولة الفلسطينية عام 1999 والتي الغتها بسياسات الإستيطان والتهويد على ألآراضى الفلسطينية المخصصة لقيام الدولة الفلسطينية . وتخرج إسرائيل على لسان رئيس وزرائها بينت وترفض التفاوض وترفض الإعتراف بأنها دولة إحتلال، وتذهب بعيدا في سياسات الإستيطان وإقتلاع سكان القدس وفرض التقسيم الزمانى والمكانى في الأقصى ـ وبل وترفض اى دور تاريخى للأردن وإعتبار ان القدس العاصمة الأبدية لها . هذا الوجه الإحتلالى هو ما يفسر لنا رفض الفلسطينيين لكل سياسات الاحتلال والحصار بالمقاومة الفردية والشعبية وكما راينا العديد من العمليات حتى في داخل إسرائيل رفضا لسياست الاحتلال التى تمارسها إسرائيل. ولن تستطيع إسرائيل أن تخفى هذا الوجه الحقيقى لها رغم معاهدات السلام مع عدد من الدول العربية لتؤكد مقولتها أنها تريد السلام . ولا يمكن لإسرائيل مهما برعت أن تخفى الوجه الحقيقى لها وهو وجه الاحتلال والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني ، ولن يوفر لها السلام مع عدد من الدول العربية هذا الوجه الإحتلالى . ويبقى ان إسرائيل فشلت بعد أربعة وسبعين عاما أن تطمس حقيقة ووجود الشعب الفلسطينى الذى لن تكتمل إسرائيل كدولة إلا بإنهاء إحتلالها وقيام الدولة الفلسطينية والبحث عن صيغ للتعايش والتسامح والسلام بين الشعبين الفلسطينى واليهودى.