الثلاثاء: 19/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

كيف تستطيع الحكومة الفلسطينية صرف 350 مليون شيكل للمواطنين في الضفة بدون أن يغادر شيكل واحد خزينة الدولة ؟

نشر بتاريخ: 21/05/2022 ( آخر تحديث: 21/05/2022 الساعة: 10:46 )

الكاتب: اياد تمام

قد تبدو الإجابة عن هذا السؤال مستحيلة اذ كيف يمكن ان تصرف بدون أن يحصل تدفق نقدي للخارج او تدفق نقدي للداخل ؟ صحيح ، ولكن الاجابة تكمن في معالجة الخلل القائم في النقود المتداولة في الضفة الغربية حيث انها لا تقوم بوظيفتها الاساسية وهي تقييم السلع والخدمات بشكل موضوعي ، وهنا عزيزي القارئ لا نطرح موضوع صك عملة فلسطينية لأننا وكما هو معلوم لا نمتلك كل مقومات القوة لإصدار عملة مستقلة ونحن تحت الاحتلال.
كيف نحدد الخلل بالنقود المتداولة في الضفة الغربية ؟
بداية لنقوم بعمل مقارنة بسيطة لكل فئات العملة الرئيسية المتداولة في الضفة الغربية من فلسطين المحتلة ، الا وهي عملة الشيكل الاسرائيلي لنجد اذا ما كانت فئات عملة الشيكل المتداولة في الضفة متماثلة مع فئاتها في اسرائيل وهذا سوف يمكننا من البداية تحديد اذا ما كانت النقود في الضفة - اداة قياس وتقييم السلع والخدمات – بحالة صحية جيدة ام لا ؟
تجد عزيزي القارئ ان هناك فئة ال 10 اغورات من الشيكل الاسرائيلي غير متداولة في الضفة الغربية ومتداولة في اسرائيل ! وهذا يسبب الحصول على نتائج تقييم للسلع والخدمات بشكل غير دقيق.
تعددت الدراسات والابحاث عن اثر غياب ال 10 اغورات على دخل الاسر وبالاخص الاسر الفقيرة وذات الدخل المنخفض وذوي الدخل المحدود ، وبالمتوسط فان متوسط خسارة الاسرة الواحدة سنوياً بالحد الادنى يقدر ب 700 شيكل وهذا المبلغ يشكل 3% من دخل اسر العمال الذين يتقاضون الحد الادنى للاجور في الضفة المقدر والمقرر ب 1880 شيكل شهريا ، فما بالك عن نسبة ال 700 شيكل من دخل الفقراء وغالبية العمال الذين يتقاضون رواتب واجور بين 1000ش و 1500 شيكل ؟
إن هذه النسبة ( 3% ) تزداد كلما انخفض مستوى الدخل عن 1880 شيكل ، ويلاحظ ايضا ان مبلغ ال 700 شيكل هو خسارة لكل الاسر التي تقيم في الضفة الغربية وعددها المتوسط 500 الف اسرة ، اي حتى لو كان دخل الاسرة اكثر من 1500 شيكل فهي ايضا معرضة لخسارة سنوية غير مبررة بمقدار 700 شيكل.
من هنا تأتي الاجابة عن السؤال الذي بدأنا به ، وهو كيف يمكن للحكومة ان تصرف 350 مليون شكيل سنويا للمواطنين بدون اي تدفق نقدي للخارج ، ببساطة اعادة تداول ال 10 اغورات ( لا تهاون في صغائر الامور ، إن اعظم الجبال من الحصى ).
500 الف اسرة X 700 شيكل = 350 مليون شيكل سنوياً.
هنا تطرقنا عن الاجابة ولم ندخل في دائرة تضارب المصالح التي أدت الى اختفاء وحدة ال 10 اغورات من السوق حيث يبدو انه قد تم تغليب مصلحة جهة او مجموعة معينة على حساب باقي المواطنين دون الرجوع اليهم ، وعلى الاقل لم يتم عمل استفتاء من اجل وقف التعامل بها او ان السبب هو خطأ مطبعي عند متخذي القرار ؟