الكاتب: مصطفى ابراهيم
تصر دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاحتفال بنكبة الشعب الفلسطيني، بدون أي رد فعل فلسطيني على نكبته وتهجيره والاستمرار في ارتكاب الجرائم ضده، والاحتفال باحتلال القدس الشرقية في العام ١٩٦٧، وتهويدها وتوحيدها مع القدس الغربية التي احتلتها في العام ١٩٤٨.
الاحتفال الذي اصبح تقليد صهيوني منذ ثلاثة عقود وما يسمى مسيرة الاعلام، فهي ليست مسيرة استفزازية فقط، بل لاعادة انتاج الغطرسة والاستعمار الاستيطاني واستباحة القدس والمقدسات، وانكار وجود اصحابها الاصليين.
تحاول حكومة الاحتلال الاثبات أن القدس عاصمتها، وأنها لن تتنازل أمام المقاومة الفلسطينية، وتصدي الفلسطينيين للمسيرة الذي يأتي في السياق الطبيعي للاحتلال والرد الشعبي الفلسطيني الذي يتصاعد ويتعمق الوعي الجمعي الفلسطيني في الداخل والشتات، والذي فاجئ دولة الاحتلال وصناع القرار فيها.
وفي مواجهة ذلك تسعى دولة الاحتلال لتكريس استراتيجية الفصل بين الساحات، التي افشلتها المقاومة والرد على جرائمه، وما كرسته هبة الكرامة، وعملية سبف القدس في مايو/ ايار الماضي بربط الساحات الفلسطينية وترابط الفلسطينيين.
دولة الاحتلال تعبر بغطرسة وعدوانية، والإجماع الصهيوني من جميع المستويات السياسية والامنية والعسكرية، على أن تجري مسيرة الأعلام من قبل المستوطنين في القدس الأحد القادم، وفق مسارها الذي كانت تسلكه كل عام في السنوات الأخيرة. ومطلوب من الفلسطيني الضحية التزام الصمت وعدم الدفاع عن حقوقه.
الفلسطينيون اعلنوا استعدادهم لمواجهة هذه المسيرة والرد على غطرسة دولة الاحتلال ومستوطنيها، كما اعلنت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، حالة الاستنفار العام في ضوء التطورات المتسارعة والتهديدات من الاحتلال باقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه وتنظيم مسيرة الأعلام الاستفزازية.
وعلى الرغم من التصريحات الاحتلالية الرافضة لتغيير مسار المسيرة، والادعاء انها غير معنية بالتصعيد، إلا أن هناك نقاش مستمر في داخل دولة الاحتلال، وخوف وخشية من تكرار سيناريو العام الماضي، وهذا ما عبرت عنه وسائل الاعلام الاسرائيلية والصحافيين والمحللين العسكريين من تبعات قرار حكومة الاحتلال الاستفزازي.
والضغوط التي يتعرض لها بينيت من الداخل والتهديد بتفكيك ائتلافه الحكومي، إلى جانب التوتر الذي شهدته الجلسات الأمنية في الأسابيع الأخيرة بشأن عدة قضايا وليس فقط مسيرة الأعلام. والخوف قائم من أن أي أحداث استثنائية في باب العامود والمسجد الأقصى قد تغير الوضع،
وان إمكانية اندلاع مواجهات بالقدس، وانه وسيتم نشر 3 آلاف شرطي إسرائيلي، والخشية أن تمتد هذه المواجهات لمدن مختلطة مثل اللد في ظل التخطيط لمسيرات مماثلة في تلك المدن.
لذا رفعت الأجهزة الامنية حالة اليقظة والتأهب الأمني الذي يزداد مع اقتراب يوم الأحد، واضافة الى نشر 3 آلاف شرطي إسرائيلي في القدس، تم اعتقال نحو 100 فلسطيني من القدس ومدن الداخل بسبب "التحريض"، ورفع حالة التأهب في صفوف الجيش في غلاف غزة، بعد تهديد الفصائل الفلسطينية واحتمال اندلاع مواجهات بالضفة.
ووفقا للمحللين الاسرائيليين إن آخر ما يحتاجه رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت هو فقدان السيطرة على الأوضاع أثناء المسيرة وتدهور الوضع الأمني الذي سيؤثر على استقرار الائتلاف الحكومي في ظل تحذيرات أعضاء كنيست عرب من "الموحدة" و "ميرتس" من نتائج تأثيرات المسيرة.
رغم دعوة الفصائل الفلسطينية الاستنفار والاستعداد والتهديدات التي اطلقتها، وتعنت دولة الاحتلال، لا يبدو انها معنية بتصعيد ومواجهة عسكرية شاملة، كذلك دولة الاحتلال. وفي ضوء ذلك وتمنيات أهل غزة من عدم حدوث عدوان اسرائيلي جديد مدمر، ولم تتعافى غزة من اثار عدوان العام الماضي، تظل حالة عض الاصابع، والموقف مفتوح على جميع الاحتمالات، والانتظار سيد الموقف.
وفي الانتظار وعدم الحزم الى أين ستتجه الأمور، لم تتوقف جهود الوساطة خاصة المصرية التي لم تتوقف خلال هذا الأسبوع، والضغط الخارجي خاصة من الادارة الامريكية المشغولة في الحرب الروسية الاوكرانية، وقد تجد حكومة الاحتلال بذلك فرصة للتراجع وتغيير مسار المسيرة وتهدئة الاوضاع.
كما يظهر من بيان الفصائل الفلسطينية التي حذرت الاحتلال من ارتكاب أي حماقة بالسماح باقتحام المسجد الأقصى ودعوة الجماهير في القدس والضفة والداخل المحتل إلى الاحتشاد في باحات المسجد الأقصى ابتداءً من يوم الجمعة، واعتبار يوم الأحد الموافق 29/ مايو/2022 يومًا وطنيًا للدفاع عن الأقصى والنفير العام.
قد يكون ذلك دعوة للمقاومة الشعبية لمواجهة المسيرة وجرائم الاحتلال. وهذه فرصة للفلسطينيين لتطوير مقاومته وتوحيدها عبر رؤية ورواية فلسطينية، مستمرة ليست قائمة على ردود الافعال واحداث معينة، فمقاومة الشعب الفلسطيني مستمرة في الدفاع عن حقه في تقرير مصيره، والارض والمقدسات.