الكاتب: ناصر دمج
الوهم الأوكراني باحتمالية النصر على الجيش الروسي، هي تعويذة شيطانية من صناعة الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا خطأ ستتراجع عنه الإدارة الأمريكية بعد فوات الآوان، مثلما تراجع "كولن باول" وزير الدفاع الأمريكي عن زعمه السابق بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، لتبرير غزوها فيما بعد.
ويا حبذا لو يتأمل الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" هذه الحقائق، ليعلم بأنه تم التضحية بأوكرانيا والزج بها في حرب كان بالإمكان تجنبها، وهي ليست في صالح أمم أوروبا وأوكرانيا أبداً.
رغم ذلك، لاحظت مؤخراً بأن هناك العديد من المؤشرات الدالة على ولادة تيار سياسي أوروبي أمريكي، يرغب بمراجعة الموقف العام من الحرب، لفداحة مآلاتها السياسية والاقتصادية الراهنة والمتوقعة والوافدة من المجهول.
وذلك استناداً إلى فشل العقوبات الاقتصادية، التي أقرتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا، ورفض العديد من الدول الكبرى كالصين والهند والبرازيل وإيران المساهمة فيها.
ويستدل على وجود هذا التيار ضمن الطيف السياسي الأمريكي، من مداخلة "هنري كيسنجر" في منتدى دافوس في دورته الأخيرة بتاريخ 23 أيار 2022م، حيث دعى إلى تسوية النزاع الروسي الأوكراني بأقصى سرعة، ولعل هذه الدعوة مبنية على رؤيته المعروفة تجاه المسألة الأوكرانية، وهي القائمة على اعتبار "أن بقاء أوكرانيا وازدهارها يعتمد على عدم تحولها إلى قاعدة أمامية للشرق في مواجهة الغرب والعكس صحيح؛ ويجب أن تتحول لجسر بين الطرفين، وعلى روسيا أن تتقبل أن محاولتها إجبار أوكرانيا على أن تكون دولة تدور في فلكها، بالتالي تحريك حدود روسيا مجدداً، سيحكم على موسكو بتكرار تاريخها من الدوران في حلقات مفرغة دورية من الضغوط المتبادلة مع أوروبا والولايات المتحدة"، وهي دعوة تشاطره الخارجية الصينة أهميتها وتقبلها كقاعدة ومنطلق لتسوية النزاع الروسي الأوكراني.
وأضاف كيسنجر لدعوته جزئية في منتهى الأهمية، تهدف إلى معالجة الآثار الاستراتيجية للصمود الروسي الذي يلامس النصر، وهو منح روسيا حق السيطرة على الأراضي التي سيطرت عليها شرق أوكرانيا، مقابل عدم المساس بإسرائيل من خلال دعم إيران وحلفاءها في سوريا ولبنان وغزة.
مضاف لذلك، ما جاء في معرض تقييم "كريستوفر كالدويل" الكاتب الرئيس لدى صحيفة [نيويورك تايمز] بتاريخ 19 أيار 2022م، في مقالة تحت عنوان "الحرب في أوكرانيا تزداد تعقيداً، وأمريكا ليست مستعدة"، انتقد فيها إدارة الرئيس بايدن "لإغلاقها سبل التفاوض مع موسكو، والتركيز على إرسال الأسلحة إلى كييف، ما فاقم المشكلة وعمقها، ومنح الأوكرانيين احساس مضلل بالقدرة على قهر الغزاة الروس؛ والجميع على يقين بأنهم لن يتمكنوا من ذلك".
وهذا يعني وفقاً للنيويورك تايمز بأن انتصار أوكرانيا على روسيا لم يعد هدفًا واقعيًا، وأن الرئيس الأمريكي "جو بايدن" يجب أن يخبر الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" أن هناك حداً معلوماً ستذهب إليه الولايات المتحدة ولن تتجاوزه.
كما بين المحرر الاقتصادي في صحيفة [الغارديان] البريطانية "لاري إليوت"، والكاتب الرئيس في صحيفة [ديلي تلغراف] "كون كوغلين" اللذان اشتكيا في مقاليهما من الانتصارات الروسية المتتالية، رغم العقوبات الاقتصادية الجبارة وتدفق سلاسل الدعم العسكري على كييف، كما أظهرت صحيفة [ذي الإيكونوميست] فداحة الحقيقة الصادمة حول تعافي الاقتصاد الروسي من صدمة العقوبات الغربية، ودعت الغرب إلى تحمل تبعات نقص الطاقة؛ ونفاذ حليب الأطفال من المتاجر، وتصاعد تكاليف المعيشة.
كما بين "سيمون جينكيز" كاتب العمود الرئيس لدى الغادرن، والمنشور بتاريخ 30 أيار 2022م، "أن الحظر الاقتصادي فشل في إجبار روسيا على الانسحاب، بينما ساهم في ارتفاع أسعار الصادرات الروسية مثل النفط والحبوب، ما أدى إلى إثراء موسكو بدلاً من إفقارها"، بينما تركت الأوروبيين يعانون من ضمور مصادر الطاقة، وتحويل سلاسل توريد الأسلحة إلى ممرات خطرة، وتحول جزء عظيم من المساعدات العسكرية الغربية إلى ركام قبل أو أثناء أو بعد وصولها للجيش الأوكراني.
مضاف لذلك، التغير اللافت للنظر في نبرة وسائل الإعلام الغربية تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا، وتركيزها على أن العقوبات الغربية وتدابير حظر الطاقة والاستيلاء على الأصول الروسية، أضحت تدابير زائدة عن الحاجة وأن أوكرانيا بحاجة للسلام.
يستنتج من ذلك، أن هناك ميل متزايد لدى دوائر صناعة القرار، والإعلام أحد أركانها الرئيسة، للشروع في مراجعة حصاد المعركة، وما آلت إليه حتى الآن، في ضوء انزعاج الاقتصادات الأوروبية من فشل العقوبات في سحق الاقتصاد الروسي كما كان متوقعاً.
ويمكن اعتبار تردد الولايات المتحدة الأمريكية، في إرسال صواريخ متطورة لأوكرانيا من شأنها تهديد سلامة الأراضي الروسية، بأنه تطور يندرج ضمن هذه المراجعة.
خلاصة:
ضمن هذه الفوضى التي رجت طرفي الأرض، ملاحظة قوة الحضور والأثر الإسرائيليان، وهو ما يفصح عن خفايا دوره المدمر للبشرية والمقامرة بحضارتها، ويؤكد على ما جاء في التقرير السياسي الذي يصدره الفاتيكان سراً وسنوياً، ويوزعه على نطاق ضيق رغم عدم انشغاله العلني بالسياسة.
حيث جاء في تقرير العام 2011م ما يلي:- "إسرائيل هي المسؤولة عن مشاكل العالم والمسببة لها"، وهو ما ذهب إلى تأكيده الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في بداية الحرب، حيث أعلن عن طرده لزعماء الحركة الماسونية من روسيا، الذين يتحكمون بالاقتصاد الروسي من عام 1917م، حيث استغلت عائلة روتشيلد ذائقة البلاشفة الاقتصادية ومنحتهم ما احتاجوا من أموال مقابل عقد احتكار مع الحكومة الشيوعية الجديدة، يخولها صىلاحية الهيمنة على البنك الوطني الروسي لمئة عام.
مضاف لذلك احتفاظهم بــ (23) مقعداً وزارياً من مقاعد أي حكومة شيوعية تشكل خلال فترة سريان العقد، وهو ما انتهى في عام 2017م، وبعد انتهاء المئة عام رفض بوتين تجديد عقد احتكار عائلة روتشيلد لحركة النقد الروسية، على غرار تحكمهم بمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وحركة النقد العالمي، ورفض السماح لفريق جاكوب روتشيلد العمل في البنك المركزي الروسي وطباعة الروبل، والبدء بهدم منظومة العولمة التي تتحكم بها المؤسسات المالية المملوكة ليهود العالم، كما أعلن عن استهدافه المباشر للنازين الجدد في شرقي أوكرانيا، الذين يتلقون الدعم والمؤازرة من دولة الاحتلال الإسرائيلي.