الكاتب: السفير حكمت عجوري
مضمون قرار اسرائيل القوة القاتئمة بالاحتلال بزيادة عدد العمال من غزة من 12 الى 15 الف تماما كما قرار توصيل المنحة القطرية كلها قرارات تهدف لاطالة عمر حكم حماس في غزة بعد ان انكشف الغطاء عن حماس وحكمها الذي لا يمت لغير حزب الاخوان بصلة خصوصا وان حماس عجزت عن توفير الحياة الكريمة لمن وقعوا في شركها وانتخبوها عاطفيا في سنة 2006 تماما كما حصل مؤخرا في انتخابات طلبة جامعة بيرزيت التي تعتبر مصنع للقيادات في فلسطين ومن اجل صناعة القيادات صارت هذه الجامعة كالعنقاء تنبعث من رمادها في كل مرة تحاول قوات الاحتلال اغلاقها او وضع العصي في دواليب تقدمها واستمراها.
ما حدث في انتخابات جامعة بيرزيت هو انذار وهو مقلق بخصوص جيل التحرير والبناء والتطوير في فلسطين من حيث ان نتيجة الانتخابات تشير الى وجود جيل اطلق العنان لعواطفه لتحكم قراره بمعنى انه سيكون من الصعب على هذا الجيل تجاوز الصعاب والعقبات التي ما زالت تتربص بمسيرة التحرير وما يرافقها من بناء وتطوير وهي التي تقع على عاتق هذا الجيل الذي ومن اجل ان يحقق الحلم لا بد له من ان يكون مبدعا وذو بصيرة تمكنه حتى من قراءة الغيب فهوالجيل الذي اوشك على حمل الامانة قدرا لا طوعا وعلى عاتقه تقع مهمة واحدة وهي دولة فلسطين الديمقراطية المستقلة ذات السيادة كي تساهم كباقي الدول في عملية التقدم الحضاري العالمي.
ما سبق هو دعوة لجيل المستقبل كي يقدم بصيرته على بصره وعاطفته ليعرف بان كل ما يجري حوله هو افراز لبيئة فُرِضت على الحالة الفلسطينية لتتحول الى امر واقع مع ادراكنا بان هذا الواقع ليس قدر ولا بد لهذا الجيل من انهاءه لاننا وبسبب هذا الواقع المر اصبحنا نعاني مما نحن فيه وتحديدا بانحراف البوصلة الوطنية في اتجاهات متعددة بعيدة عن الوطن والوطنية واقرب مثال على ذلك هو الانقسام الذي قسم ظهر مشروعنا الوطني والذي لا يلوح في الافق اي مؤشر لانهائه وعودة غزة الى حضن الوطن كونه مشروع صهيوني استغلته حماس خدمة لمشروعها الاخواني العالمي الذي هو خيالي غير قابل للنجاح وهذا هو رهان اسرائيل خصوصا بعد ان تم وصم هذا الحزب بالارهاب وتحديدا من قبل دولة المنشأ مصر ومع ذلك هناك اصرار من قبل قصار النظر من قيادات حماس في الاستمرار وعلى حساب اهلنا في غزة الذين اصبح الالاف منهم يتلحفون السماء وافواههم تصرخ من الجوع علما بان الله سبحانه طلب منا ان نعبده لانه اطعمنا من جوع وأمننا من خوف.
الانقسام صنعته اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وتمسكت به حماس من اجل خلق بؤرة لكيان سياسي اخواني لا مكان لفلسطين فيه اكثر من سواك اسنان كما قال الزهار احد قادتها وذلك بالرغم من ان كل الادوات التي استغلتها حماس وببشاعة هي ادوات فلسطينية بدايتها انتخابية ونهايتها كل هذه التضحيات لاهلنا في غزة التي فاقت كل المتعارف عليه من معاناة انسانية .
اسرائيل شرعت في التاسيس للانقسام منذ اللحظة التي قرر فيها شارون اعادة تموضع قواته الاحتلالية بخروجها من داخل غزة لتحيط بها من كل جانب وذلك في سنة 2005 بهدف خلق دويلة فلسطينية في غزة بدلا من الدولة الفلسطينية التي اقرتها الشرعية الدولية . هذا الامر كما اسلفت تقاطع مع مصالح حماس الاخوانية ومن اجله انقلبت على الشرعية الفلسطينية بقرار اخواني لتتربع على عرش غزة سنة 2007 .
مما سبق يتضح بان الانقسام هدف احتلالي صهيوني استراتيجي وبامتياز وان الاستمرار فيه هو خيانة وطنية واخلاقية بطعنه لمشروعنا الوطني كما اسلفت ولما يترتب على هذا الانقسام من تجويع لاهلنا في غزة واذلال لمائة الف عائلة وهي تنتظر المائة دولار المنحة القطرية علما بان هذه الدولارات لا تصل الا بموافقة وعبر حراسة اسرائيلية وبمباركة السيد الامريكي.
ما ذكرته قد يكون مزعج لكل من يعتقد مخطئا بان حركة حماس صارت تشكل الند لدولة الاحتلال بما تمتلكه من صواريخ وبالتالي لديها القدرة على تحرير كل الارض الفلسطينية المحتلة وذلك مقارنة بالسلطة الفلسطينية التي تم انشاؤها اساسا بقرار اوسلوي كادارة فلسطينية لتقديم الخدمات للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وبناء ما يتطلبه ذلك من بنية تحتية من مؤسسات ووزارات وهو ما يعني ان المقارنة بين السلطة وبين اي فصيل اخر بما في ذلك فتح هي مقارنة خاطئة وغير منطقية وغير واقعية.
الى ما سبق نضيف بان دخول حماس في مشروع التهدئة مع اسرائيل هو اقرار منها بالاحتلال ويلزمها بمنع اي فعل فصائلي مقاوم للاحتلال بهدف التحرير الا اذا كان هذا الفعل يهدف الى انقاذ جكم حماس واستمراره بدليل ان حملة كاسر الامواج الاحتلالية وما نتج عنها من قتل مياني يومي وجرائم ارتكبتها اسرائيل بحق كل الفلسطينيين والاستباحة اليومية للبلدات والمدن الفلسطينية ، جنين ومخيمها وقراها وحلحول وبيت لحم والقدس والمقدسيين و تدنيس الاقصى في الشهر الفضيل والتي ما زالت مستمرة الى اليوم في ظل صمت قبور لصواريخ حماس يؤكد على ان هذه الصواريخ هدفها حماية النظام الاخواني في غزة وليس تحرير الارض تماما كما استغلت حماس مسيرات العودة في كل جمعة حيث كانت تنطلق من غزة وتعود اليها ولكن محملة بجرحى وشهداء.
في سياق توضيحي متصل أذكر بان القيادة الوطنية الفلسطينية وقعت اتفاق اوسلو دون ان تناقشه مع الشعب الفلسطيني وهو ما جعله مشروع تتداوله النخب وهي التي بدورها فشلت في اقناع او عدم اقناع الشعب الفلسطيني بالاتفاق مع انني ازعم بان الاتفاق كان الملاذ الاخير للقيادة الوطنية الفلسطينية وقواتها بعد انهيار النظام الرسمي العربي بعد غزو الكويت وبعد ان ضاقت بلاد العرب بما رحبت على عقد المجلس الوطني الفلسطيني وهو ما اضطر القيادة الوطنية الفلسطينية مرغمة لحضور مؤتمر مدريد سنة 1991 ضمن وفد عربي مع ان المؤتمر كان مخصصا لايجاد حل للقضية الفلسطنية .
هذا المقال ليس بصدد الدفاع عن اتفاق اوسلو اذ لم يعد ذلك بالامكان لاي عاقل ان يفعل ذلك بعد ان اتضح ان هذا الاتفاق كان فخا صهيونيا بمشاركة عربية خدمة للمشروع الصهيوني بهدف انهاء قضية الشعب الفلسطيني وهو ما اتضح مؤخرا بمؤامرة الاستسلام الابراهيمي،.
هذا المقال هو دعوة لانقاذ المشروع الوطني الفلسطيني الذي طعنه الانقسام بمقتل وبادوات صهيونية وهو بالتالي رسالة انذارية للجيل الفلسطيني الذي صارعلى وشك ان يحمل الامانة قدرا لا خيارا كما اسلفت كونه جيل التغيير والتحرير والنصر وهو ما يعيدني الى ما بدأت فيه وهو ضرورة ان يتشبث هذا الجيل بالوحدة الوطنية وبالبصيرة والواقعية لا ان يكون دمية تحركها العواطف مذكرا ايضا بان فتح هي حركة تحرير وطني انطلقت من اجل مهمة و لن تنهتي فتح الا بتجسيد هذه المهمة وهي اقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس.