الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بأيّ حالٍ من الاحوال عُدت يا عيدُ

نشر بتاريخ: 09/07/2022 ( آخر تحديث: 09/07/2022 الساعة: 18:00 )

الكاتب: منجد صالح

بايّ حال من الاحوال عُدت ياعيدُ، أأنت كما أنت أم أنّ فيك تجديد؟؟!!!

لا يوجد أيّ تجديدٍ في العيد، ولم يطرأ عليه أيّ جديد، كما أنّه لم يحافظ على نفسه وذاته وكنهه ومُحتواه وكيانه وقيافته ورونقه ووروده، وطقوسه وتجلّياته كما كان سابقا، كما كان قبل سنوات. العيدُ يومٌ من الايّام ليس إلا، يمُرُّ ويسير "ويتمشّى" ببطءٍ ورويّةٍ وينقضيّ رتيبا وحيدا بصمتٍ و"على السُكّيت" دون ضجّة ولا جلبةّ ولا حتى صراخ الاطفال في الشوارع والحارات والاحياء، لامُفرقعات ولا "طقاقيع"، ولا بنادق ولا مُسدّسات بلاستيكيّة (ألعاب)، ولا حتى منجنيقات قديمه ولا تُروس ولا رماح ولا سيوف ولا نبال!!!!

كُنّا ونحن في الخارج، في بلاد الشتات و"الغربة" نُعيّد على بعضنا ونُمنّي النفس ونقول: "عيدنا يوم عودتنا"...

وعُدنا بيمن الله ورعايته،.. فهل فعلا عيّدنا،.. أو بالاحرى هل فعلا عُدنا؟؟!! عُدنا ولم نعّد كما كُنّا!!!!

فالغربان السود ما زالت تذرع أرضنا طولا وعرضا وتّزاحم الحمام البلدي وطيور الدوح!!! والجراد ينتشر في كلّ "قرنة" من زوايا قرانا ومُدننا ومخيّماتنا، في مناطق جيم وباء وحتى ألف تكتسحها الضباع والدبابير ليلا نهارا جهارا، تقتل وتعتقل وتجرح وتهدم البيوت وتُبقي العباد في سجنٍ كبير أو صغير.

والانقسام بين الجغرافيا الصغيرة، القليلة الباقية بعد القصّ والتشذيب و"جلد النمر"والشمال شمال والجنوب جنوب و"اللهم نفسي!!" والوطن أين أين؟؟

لقد ذهب الطرفان، طرفي الانقسام إلى ستائر الكعبة وأقسما على الصلح والوئام، كان ذلك زمان زمان، يا سلام.

اطلبوا العلم ولو في الصين.. "يطلبون الصلح والاتفاق ولو في الجزائر!!" الجزائر التي تُناصر فلسطين ظالمة أو مظلومة، .. حبّذا ويا ريت أن تبقى بعيدة عن تجاذبات الانقسام، فالجزائر توأم روح فلسطين، وصورتها ناصعة البياض في عقل وفكر كلّ فلسطيني، ونودّ أن يبقى الفلسطيني وتبقى فلسطين ناصعة البياض، طاهرة، تصل حد القداسة لدى كلّ جزائري، لدى بلد المليون ونصف مليون شهيد، ولتبقى صورة جميلة بوحيرد تُعانق صورة الشهيدة دلال المغربي، أول رئيسة لجمهورية الساحل الفلسطيني، وليبقى صوت محمود درويش يصدح شعرا من قصر الصنوبر في الجزائر العاصمة: "سقط القناع عن القناع .. قد أخسر الدنيا نعم، لكنني أقول الآن.. لا، يا آخر الطلقات لا، يا ما تبقّى من هواء الارض.. لا، يا ما تبقّى من حطام الروح.. لا، بيروت..لا، حاصر حصارك لا مفرُّ.. اضرب عدوّك لا مفرّ، سقطت ذراعُك فالتقطها، وسقطّتُ قُربك فالتقطني واضرب عدوّك بي .. فأنت الآن حُرٌّ وحُرٌّ وحُرُّ....".

فبأيّ حالٍ من الاحوال عُدت يا عيدُ... عيدنا يوم عودتنا، عيدنا يوم تحرُّرِنا من الاحتلال.. عيدنا يوم انجاز الاستقلال التام والسيادة وأن يعيش شعبنا الفلسطيني حُرّا طليقا بلا حواجز ولا مُعيقات، حين تُغنّي البلابل على افنان أشجارها الخالية من الغربان السود والجراد، وتتفتّح في ثرى جبالنا أزهار الحنّون والنرجس والاقحوان، إلى جانب نباتات الزعتر والميرميّة.

كلّ عام وأنتم وفلسطين بخير.