الخميس: 16/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

مِهَنُ واختصاصاتُ المُستقبل ...

نشر بتاريخ: 19/07/2022 ( آخر تحديث: 19/07/2022 الساعة: 13:12 )

الكاتب: أ.صخر سالم المحاريق

تتأثر المهن والحرف والوظائف بتغيرات وظروف الحياة شأنها شأن العديد من مُتطلبات حياتنا، فما كان سائد في الماضي بخصوص مهنة أو حرفة أو وظيفة معينة قد لا يُجدي نفعاً اليوم أو في المُستقبل القريب، فالتغيرات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والتشريعية، والبيئة، والتكنولوجية من حولنا بالتأكيد لن تُبقيها على حالها القائمة عليه.

ولأجلِ الوفاء عزيزي القارئ باحتياجات الحياة المُتسارعة تلك وبمُتطلبات العصر المُستحدثة والمُحدثة باستمرار، لابد بأن يكون لدينا قدر أكبر من المرونة والتكيف لمواكبة ذلك التغير في جميع شؤون حياتنا، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر عملية التوظيف والتشغيل، سواء كانت تشغيلاً ذاتياً عبر المشاريع الخاصة والحرة أو تشغيلاً عبر خلق المزيد من الفرص الوظيفية المُلائمة لتلك التغيرات، والوفاء بمتطلبات واحتياجات المُؤسسات المعنية كلفة عامة وخاصة وأهلية.

إذاً فما هي التخصصات الأكاديمية والفنية المُناسبة اليوم لمهن المُستقبل، وعملية التوظيف والتشغيل؟.

لا شك بأن "التعليم التطبيقي" اليوم أصبح التعليم الأكثر مُلائمة لسوق العمل على الصعيدين المحلي والعالمي؛ فالتخصصات التقليدية البحتة تكاد تندثر في الطلب عليها، والتعليم التطبيقي هو ذلك التعليم والذي يشمل جانبين في عملية التعليم والتعلم جانب نظري يُعزز "المعرفة" العلمية ويُغذيها، وجانب عملي يُنمي "المهارة" المُتخصصة ويصقلها، ومن أشكال التعليم التطبيقي ذاك (العُلوم التطبيقية، المهن التطبيقية "التعليم المهني والتقني"، الهندسة، التكنولوجيا والتقنية بأشكالها...) وغيرها.

لكن يجب أن لا نغفل أهمية استمرارية التطوير الذاتي لجملة "المعارف والمهارات" تلك لمن يرغبون بالالتحاق أو التحقوا فعلياً بهذا النوع من التعليم؛ وهذا ما فيما يُعرف بالتعلم والتعليم مدى الحياة (Long Life Learning)، وذلك لأجل مُواكبة التطور الهائل والمُتسارع في عالم التطبيقات العلمية والتكنولوجية من حولنا، وبالتالي مُطابقتها لمُتطلبات التوظيف (الوصف والتوصيف الوظيفي) لخريجي هذا النوع من التعليم، كون "التعليم التطبيقي" يُؤهلك للعمل في إطار تلك التطبيقات والمُخترعات العلمية كالإلكترونيات والكهربائيات، وتكنولوجيا الطاقة المُتجددة، وتكنولوجيات التصنيع، والذكاء الصناعي "الروبوتكس"، وعلوم الحاسوب والأمن السحابي أو السيبراني ... والعديد غيرها.

وفي دراسة استقصائية عالمية جَرَتْ لمعرفة ماهية التخصصات الجامعية التي سيزداد الطلب عليها في العقد القادم على أقل تقدير، حَيثُ برزت في الصدارةِ بشكل مُلفت تخصصات الحاسوب، والبرمجيات، وأمن المعلومات، وتحليل النُظم، والطاقة المُتجددة "البديلة"، والتسويق الرقمي، وإنترنت الأشياء، إضافة الإدارة والتكنولوجيا المالية، وبقيت تخصصات أخرى شائعة ومعروفة للعيان أيضاً في صدارة الطلب المستقبلي عليها: كالمحاسبة، والتمريض والذي يشهد نقص حاد في كثير من دول العالم، وبالتالي يُعتبر أكثر تخصصات المهن الصحية طلباً.

وفي الختام الطلبة الأعزاء المُقبلين على اختيار تخصصكم الجامعي بعد الثانوية العامة، ولأجل رَسمِ مُستقبلكُم المهني بشكل أفضل، عليكم بداية باستشعار هُواياتِكُمْ واهتماماتِكُمْ الشخصية والفنية، وتلمس ذلك بجدية في خياراتكم تلك فهي مصدر إبداعكُم وتميزكُم وشغفكُم وتطوركُم مِهَنياً في المُستقبل، ثم عليكم باستشارة ذوي الاختصاص والخبرة في ما وقع عليه اختياركم ممن تميزوا في اختصاصهم الشبيه وخَّطُوا قصصهم نحو النجاح في حياتهم الشخصية والمهنية، لأنهم بذلك مصدر إلهام وقدوة لا إحباط ونفور، كما عليكم باختيار الجامعة التي تطرح الاختصاص وتُقدمه بأفضل خُطة أكاديمية مشهود لها بها محلياً وعالمياً بين نظيراتها من المُؤسسات التعليمية (الجامعات والكليات) الأخرى، وعليكم أيضاً بتطوير معارفكُم ومهاراتكُم باستمرار أثناء الدراسة وبعدها على مدى الحياة؛ من خلال البحث عن كُل ما هو مُستحدث من دوراتٍ تدريبيةٍ مُتخصِصَةٍ ومُتقدمة ترتقون بها نحو الأفضل، لكي تكونوا السباقين في مجالات اختصاصاتكم مُقارنة بأقرانكم، وذلك لمزيد من خلق الفرص واقتناصها في سوق العمل المحلي والعالمي، فنجاحك في نهاية المطاف هو رِهانُ جُهدك الشخصي نحو تنمية وتطوير ذاتك باستمرار وإثارة شغفك تجاهها.