الكاتب: ربحي دولة
مُنذُ أن وطأت قدم أول جُندي مُحتل بريطاني أرض فلسطين وحتى هذه اللحظة وما نتج عنها من احتلال صهيوني بتواطؤ من بريطانيا عرابة الاستعمار العالمي وشعبنا الفلسطيني يُكافح ويُناضل من أجل الحُرية والاستقلال، يخوض معركة شرسة دون توقف أو كلل أو ملل على الرغم من كل أساليب الظلم والقهر التي مورست بحقه وعلى الرغم من كل محاولات اسكاته من خلال مُبادرة هُنا أو هناك وجلها سلبٌ للحقوق وتتكلم عن تحسين الظروف المعيشية في ظل الاحتلال.
اذا عدنا الى زمن الاحتلال البريطاني لأرضنا وبداية عمله على تأسيس بؤر استيطانية للصهاينة على طريق تسليمه البلاد تحقيقاً للمُخطط الصهيوني الذي اتخذ قراراً ببناء وطن قومي لليهود في فلسطيني سنة ١٨٩٧ وكان القرار سيُنفذُ حسب نصه بعد خمسين عاماً.
إن هذا المُخطط الذي شاركت فيه الصهيونية العالمية وقوى الاستعمار خاص شعبنا عدة هبات وثورات ضد المُستعمر كثورة البراق واضراب العام ١٩٣٦ والتي عُرفت بثورة القسام، وبعد
أن مكنت بريطانيا، الصهاينة من احتلال أرض فلسطين وساعدتهم في هدم قرارنا ومدننا وتشريد شعبنا في العام 1948 بعد أن رفضت قيادة شعبنا قرار التقسيم رقم ١٨١ والذي بموجبه يتم تقسيم فلسطين الى دولتين عربية ويهودية حاول العالم أن يتعامل مع قضيتنا كقضية لاجئين وإغاثه وتحسين ظروف حياة اللاجئين دون العمل الجاد على إعادتهم، لكن شعبنا وقيادته رفضت هذا التعامل، فبعد أن شكل العرب منظمة التحرير بإرادة عربية برئاسة أحمد الشقيري لكن قيادتنا التاريخية أسست حركة فتح لتقود نضالات شعبنا ضد المُحتل وعلى الرغم من اكمال دولة الاحتلال لمخططاتها واحتلت ما تبقى من فلسطين في العام ١٩٦٧ ، إلا أن الثورة الفلسطينية وبالشراكة مع بعض الأحرار من الجيش الأردني استطاعت من كسر شوكة الجيش الذي لا يُقهر وهزمته في الكرامة، هذه المعركة التي أعادت الكرامة إلى أمتنا العربية جميعها واستمر العمل الفدائي من الخارج ومن الداخل المُحتل وبقي شعبنا في حالة اشتباك دائم مع هذا المُحتل حوصر شعبنا في الداخل والخارج والمخيمات وحوصرت الثورة في لبنان وهوجمت بأحدث الأسلحة وأقواها، ألا أن جبروت المُقاتل الفلسطيني هزمت المُحتل وترسانته وصمد شعبنا أمام هذا الحصار وسياسة التجويع تحت شعار "نموت واقفين ولن نركع"، و" نعم للجوع ولا للركوع"، وبعد تأسيس السلطة الوطنية كمشروع وطني نتيجة هذه النضالات التي خاضها شعبنا وثورته وقيادتها وبعد تنصل دولة الاحتلال من كل التزاماتها ومُمارستها من سياسة القرصنة والحصار المالي وتخلي "القريب والبعيد" عن شعبنا وقيادته محاولين اركاعه لتمرير مخططاتهم لتجريد شعبنا من ثوابته لإرغامه على القبول بحلول لا تُلبي الحد الأدنى من مطالب شعبنا التي دفع الغالي والنفيس لتحقيقها طل علينا الرئيس المهزوم ترمب عن طريق صهره الصهيوني "كوشنير" بما يُسمى صفقة "البوم" والتي كان بدايتها حلول اقتصادية بالاضافة لما يُسمى مؤتمر البحرين والذي غابت عنه قيادتنا لرفضها التعامل مع قضية شعبنا قضية معيشية واقتصادية مُقابل التخلي عن الثوابت.
وصمد شعبنا وقيادته فسقطت البحرين ومؤتمرها وكذلك ردت الصفقة صفعة على وجه كل من خطط لها وبقي شعبنا صامد وبقيت قيادتنا مُتمترسة خلف صخرة الحق الثابت لشعبنا بدولة مستقلة وعاصمتها القُدس الشريف وعودة اللاجئين، وبعد سقوط ترمب ومجيء بايدن الذي وعد في برنامجه الانتخابي أن يُغير كل السياسة الخارجية وخاصة فيما يتعلق بقضيتنا يطل علينا اليوم أيضا بوعود لتحسين الظروف المعيشية لشعبنا وكأنه لم يتعلم الدرس الذي تعلمه أسلافه لأن شعبنا الفلسطيني لم يُناضل في يوم من الأيام من أجل تحسين ظروف حياته وإنما جاء نضاله من أجل الكرامة فلا كرامة مع الاحتلال مهما تحسنت الحياة، لأن لا معنى للحياة بلا كرامة .
نعم من حق شعبنا أن يعيش كباقي شعوب الأرض حياة كريمة مُتمتعاً بموارده الطبيعية مُعتمداً على نفسه يعيش على أرضه الخالية من الاحتلال لكن لن تكون هناك أية حلول تمر عليه دون تحقيق ثمن لتضحياته، والمُحتل يعلم جيداً قوة شعبنا المُتعطش للحرية والاستقلال أن يقبل أن تكون ثورته ثورة مُطالبات لتحسين ظروفه المعيشية، وإنما ثورته ثورة تحرر وطني نهايتها دحر الاحتلال.
من هنا يجب على الكل الفلسطيني قيادة وشعباً بأن يوحدوا الجهود والصف والعمل بكل الطرق المُتاحة وبالتزامن مع مواجهة المحتل البحث عن الطرق المُناسبة التي من شأنها تعزيز صمود شعبنا والابتعاد عن أي مُمارسة تُضعف شعبنا في مواجهة المُحتل .