الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كان لوحده على الرصيف ويحاول أن يمشي مشية الأسياد ، وقد يأس من البحث فتوقف عن المحاولة. وكان الاّخر وحيدا على الرصيف يبحث عن أي شيء من أجل أي شيء .
وحيدان على الرصيف لا يقطع عزلتهما سوى موج البحر ، وموج البحر لغة لا يسمعها سوى البؤساء . وبعد تردد تقدم المهاجر جائعا وفاقدا لكل شيء وسأل الرجل الغامض : مرحبا أيها السيد . هل أخدمك بأي شيء ؟.
سمع الرجل الغامض كلمة " السيد " وذاب من الفرح . شعر بانه وجد ما كف عن البحث عنه ، وأحسن بأن الأرباب رضوا عنه . وأخيرا جاء من يعرف قيمته ويقول له " أيها السيّد " . وأخيرا ابتسمت له الدنيا وسمعت الملائكة دعاءه كل ليلة .
ثم أكمل الوحيد : هل يمكن أن أكون خادمك وأقدم لك كل ما تحتاجه سيدي ؟
طار قلب الرجل من الفرح . فهذه امنيته الوحيدة طوال حياته . أن يصبح سيدا وأن يكون له خادما .
اتخذ على الفور هيئة سيد حقيقي وادّعى التردد والتفكير وأجاب بتأني وثقة كبيرة . وماذا تريد مقابل ذلك ؟
رد صاحب العرض : لا شيء سيدي سوى أن أكون خادمك ؟ وبعد تمثيل رديء من الطرفين اتفقا على اللعبة . وقال السيد الافتراضي :
مقابل خدماتك هذه وادارتك لاعمالي ( لا يوجد عمل عنده أصلا فهو يعمل خادما ) . يمكن ان اقدم لك مكانا للنوم وأقتسم معك وجبات الطعام .
وغادرا الرصيف في حالة رضى تام . الأول يعتبر نفسه سيدا ويعتبر الاخر خادما . والثاني يعتبر نفسه موظفا ويعتبر انه أنجز احتياجاته كلها .
في العودة الى المنزل قامت الشرطة باعتقال السيد بتهمة العجز عن سداد الديون . فواصل السيد لعب دور السيد ، وقام الخادم بزيارته في السجن وسماع أوامره .
كان "السيد " ينتظر خروجه بفارغ الصبر من أجل رعاية خادمه . وكان " الخادم " ينتظر خروج السيد من السجن من أجل مواصلة اللعبة .
في داخل السجن. راح الرجل يبحث عن سيّد يخدمه. فهو غير قادر على مواصلة التمثيلية من دون رعاية سيد حقيقي .
وفي خارج السجن شعر الاخر بالوحدة . فاخذ كلبا ضالا معه ، وتبناه . حتى يقوى على شظف الانتظار .