الجمعة: 22/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

إسرائيل تخلط الأوراق لنختار بين حاجز عسكري أو مطار بعيد

نشر بتاريخ: 21/08/2022 ( آخر تحديث: 21/08/2022 الساعة: 14:37 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

في ظل غياب مشروع تفاوضي سياسي، وفقدان الحلول وضياع الاتفاقيات. تعمل سلطات الاحتلال على خلط الأوراق لتضليل المواطن والايحاء بأن التنظيمات تعمل ضد الشعب وأن الاحتلال هو الذي يساعد الفلسطينيين.
هذا أسلوب الاحتلال القديم طوال عصور التاريخ: احباط عزيمة الشعوب والدفع بالناس الى حفرة اليأس، وكراهية الذات، والاعجاب بالاستعمار. ولأجل هذا تستخدم إسرائيل الأدوات الرخيصة والوجوه العميلة وتستخدم السفهاء والاوباش لابتذال كل شيء له قيمة، ويصبح دور الرعاع بالاعتراض على اية فكرة نبيلة، ومهاجمة أي عمل ابداعي، وصولا الى حالة احباط كبيرة تفضي الى قبول اية مخرج.

ولتعميق فكرة الفشل الفلسطيني في إقامة دولة (مارست إسرائيل ذلك حين أمر ياسر عرفات قواته بالقتال) وانها سلطات ومؤسسات فاسدة وفيها رشوة، ونشرت عملاءها في كل مكان لشتم الأداء الفلسطيني وان الفلسطيني لا يستطيع العيش من دون إسرائيل. وان شوارعهم أنظف وبضائعهم ارخص .. وهكذا .
حين اعلن د. سلام فياض سنة 2008 جهوزية الفلسطينيين لإعلان دولة. شرعت إسرائيل فورا بحملة متقنة ومحترفة لإثبات فشل حكومة الفلسطينيين. وأهانت رموزها واقتحمت كل مكان. وبعد 14 سنة من العمل المتواصل لخلط الأوراق في الضفة الغربية وافشال أي مشروع اقتصادي او اجتماعي او رياضي او فني \ منع الاحتلال أي نشاط فلسطيني في القدس منذ 20 عاما.
والان جاء دور غزة. والاحتلال يستفيد من الانقسام لتكرار نفس التجربة في الضفة والقدس، على قطاع غزة.
نظرة واحدة على محتوى التواصل الاجتماعي سوف يجد الباحث عملا منظما لشتم الفلسطيني لذاته وشتم جميع القيادات الفلسطينية وتسخيف رمزية أي قيمة. والمقابل نشر فيديوهات تشجع التجنيد في جيش الاحتلال وتمييع العلاقة العدائية عن طريق تيك توك او فيس بوك وحتى تويتر وانستغرام.
العمل جار وبشكل كبير ومرعب لتفريغ القيم النضالية من المجتمع الفلسطيني عن طريق مخاطبة الغرائز، وتهويل الأخطاء الفلسطينية، وتقديم تصاريح عمل وسفر مطارات ومثلها.
فيعتقد المواطن ان سبب تعاسته يكمن في كونه فلسطيني، وان سعادته ونجاحه يكمن في ترك شهادة الجامعة او الماجستير والذهاب للعمل في ورشة بناء في المستوطنات.
اول من يسقط في فخ الاحتلال أشباه المثقفين، الذين يملؤون الدنيا صراخا بحجة انهم يدافعون عن المصلحة العامة، والحقيقة ان مدافن صدورهم تبحث عن هروب من النضال ومن المواقف الوطنية وخلق التبرير للارتماء في أحضان الاحتلال الذي لا يريد للفلسطينيين دولة. وإنما يرمي الى تحويل جميع الفلسطينيين الى عمال وخدم وحطّابين وسقّائين.
ومن يقرأ لبعض مدّعي الثقافة يعتقد للوهلة الأولى انه يقرأ مقالة لمستوطن او لحزب صهيوني.
يبدو ان الملح قد اختلط بالسكر، ونحتاج وقتا طويلا لفرزه مرة أخرى.